الغبي ينجح لــ توراو توكودا


لقد كتبت كتابي الأول "لقد خلق البشر متساوون" في شهر مايو (أيار) عام 1979، وهو تسجيل لقصة حياتي وكفاحي حتى الآن، حيث لخصت الأسباب التي دفعتني إلى إحداث ثورة في منظومة الرعاية الطبية في اليابان.
ولكن منذ إصداري لهذا الكتاب حدثت في تغييرات لم تكن متوقعة. فلقد جاء في سيل من الطلبات لكي أقوم بعمل محاضرات عامة حول موضوعات الكتاب.
لقد جاءتني طلبات من كافة أشكال وأنواع الهيئات والمؤسسات الاجتماعية والعلمية، بدءا من المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعات ومرورا بنقابات مجالس الآباء والغرف التجارية والجمعيات الزراعية واتحادات الغرف الصناعية ومجالس الشباب والاتحادات الاقتصادية والحلقات الدراسية الخاصة بأعضاء البرلمان وحتى الحلقات البحثية للتجمعات الاقتصادية والمنتديات السياسية والاقتصادية للصحف الإقليمية وغيرها، حتى صرت مشغولا للغاية في السفر هنا وهناك عبر كل بقاع اليابان.
ولقد قمت بعمل محاضرات معدل 25 مرة في الشهر تقريبا، وأحيانا كان يصل العدد إلى 30 مرة، وفي العامين الماضيين کنت مشغولا للغاية بجدول

مرهق لم أكن أتوقعه حيث تجاوز عدد محاضراتي ثمانمائة محاضرة.
وبما أنني أصلا إنسان عاش طوال عمره يكرس مجهوده كله في مجال الرعاية الطبية، فلم أكن أفهم شيئا في فن أو تقنية إجراء المحاضرات العامة. ولذلك فإنني لم أفعل سوى الحديث عن قصة كفاحي في الحياة كما هي بصدق وبحماس شدیدین.
فلقد عشت منذ طفولتي أحتضن رغبة متأججة في صدري تلح علي بأن أصبح طبيبا يوما ما، حيث ظهرت تلك الرغبة مع حادثة وفاة أخي الأصغر... وكان هذا هو حلمي وكانت هذه هي رغبتي أنا ابن ذلك الفلاح البسيط من قرية في جزيرة "توکونوشیما". ولقد حدث بالمصادفة أن شاهدت المستشفى الجامعي الملحق بجامعة أوساكا، عندما ذهبت لأتلقى جراحة لإزالة تجمع صديدي بجسمي، ومنذ ذلك اليوم صار لدي هدف واضح وهو الالتحاق يوما ما بكلية الطب في جامعة أوساكا. وبعد انتهاء الحرب ترکت مدرسة "توکونوشيما" الثانوية التي لم يدخل طالب واحد من خريجيها أية كلية طب في جامعة حكومية لألتحق بمدرسة "أيماميا" الثانوية بمدينة اوساكا، وتحت شعار "أن أعيش أو أن أموت" جلست إلى مكتبي أدرس ستة عشر ساعة يوميا، دون أن أستريح يوما واحدا خلال ال 365 يوما بالسنة، وفي نهاية أربعة






أعوام من الكفاح المستميت استطعت بالكاد أن ألتحق بكلية الطب جامعة أوساكا. وتلك الأعوام هي أعوام الصف الثاني والثالث في مرحلة الثانوي وعامين قضيتهما استعدادا لدخول امتحان الالتحاق بكلية الطب في الجامعة. |
فلم أكن من عائلة كبيرة ذات شأن ولم أكن غنيا، وكذلك لم أكن ذكيا إلى درجة كبيرة، ولكن هذه التجربة قد أعطتني ثقة بالنفس وجعلتني ناضجا واعيا الأهدافي ومبادئي ... لكن واحدا مثلي بتلك القدرات الضعيفة صار يرفع شعارا مجنونا هو : "تغيير منظومة الرعاية الطبية في اليابان وتحسين منظومة الرعاية الطبية في العالم"، وصار ينطلق مندفعا في اتجاه واحد ألا وهو السعي نحو إنشاء المستشفى تلو الآخر.
وهكذا وخلال قيامي بإلقاء سلسلة من المحاضرات بطريقتي الخاصة عن رحلة كفاحي هذه في الحياة صرت أواجه ظاهرة لم أكن أتوقعها أيضا. في بداية الأمر كنت أخطط لكي تكون سلسلة محاضراتي هذه وسيلة لتجميع عدد من الممولين والمتعاونين في سبيل تحقيق هدفي الأساسي في سبيل تغيير منظومة الرعاية الطبية باليابان. والحقيقة أنه بفضل هذه المحاضرات ارتفعت أصوات من عامة الناس تطالبني بإنشاء مستشفيات في جميع أنحاء اليابان تابعة للمجموعة الطبية التي أرأسها، في القرى والمدن التي يسكنها هؤلاء الناس،

وحدث بالفعل أن زاد عدد من عرضوا على مساعداتهم من أجل إنشاء تلك المستشفيات، لكني مع مرور الوقت ومع استمراري في القيام بتلك المحاضرات ظهر تأثير إيجابي آخر لم أكن أتوقعه. فلقد فاجأني بعض القائمين على إدارة مشروعات تجارية، إن أحاديثي قد تفيد إفادة كبيرة في مجال إدارة الأعمال بالشركات. ولقد قال لي واحد من رجال الأعمال الشباب، إن كلامي أثر إيجابية عليه في إعطائه شحنة كبيرة من الشجاعة للنجاح في عمله. كذلك كان هناك طالب في المرحلة الثانوية قال لي إنه شعر بأنه هو الآخر يستطيع أن ينجز شيئا ما إذا تحلي بروح الثقة. كانت هذه هي ردود الأفعال في معظم الأماكن التي مررت بها، وصار من يستمعون إلى محاضراتي يتزاحمون بعد المحاضرة وهم يصفقون لي ويطلبون مني أن أوقع لهم بإمضائي، فلقد شكل هذا بالنسبة لي نجاحا ونتيجة مثمرة لم أحلم بها، وفرحة ما بعدها فرحة. وما حدث بعد ذلك هو إنني ركزت أكبر في المحاضرات على إعطاء شحنة دافعة للناس لكي أحثهم على التحدي من أجل النجاح، بالإضافة إلى الهدف الأصلي وهو استمالة مؤیدین ومعاونين من أجل تغيير منظومة الرعاية الطبية. ولقد استمريت أنادی بالمبادئ والقيم التالية :
"إن المرء عندما يتحدى ويركز في سبيل إنجاز مهمة محددة، ويضع في تلك المهمة كل طاقته، فإن ذلك من شأنه أن يضاعف من قدراته شيئا فشيئا

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget