العلمانية الجزئية والعلمانية الكاملة لـ عبد الوهاب المسيرى

العلمانية الجزئية والعلمانية الكاملة  لـ عبد الوهاب المسيرى



ثمة آليات كثير تمت من خلالها عملية علمية الإنسان الفرد والمجتمع، ولعل من أهمها ما يسمى «الترشيدة. وهذا ما سنتناوله في هذا الفصل
الترشيد (مشكلة التعريف)
كلمة الرشيد» مأخوذة من كلمة ارشد معنی اعقل» أو اعرف طريق الرشاد والاستقامة»، وأرشدها يعني اهداه إلى هذا الطريق ،
واالرشدان الاستقامة على
طريق الحق، ومن هنا نقول: «بلغ سن الرشد» للتعبير عن بلوغ الأطفال مبلغ الرجال والنساء
وتوجد في الإنجليزية كلمة اريسون treason معنی اعقل، أو «رشد» او اصواب، وأراشيونال triational معنی اعقلاني» أو «رشيدا أو مبني على العقله أو مالك لقواه العقلية، وهناك فعل راشيوناليز rationalize معنی ارشد، أو ابعقلن»، والكلمة الإنجليزية مشتقة من كلمة ارانبو ratio اللاتينية وتعني الخطة» أو «منهج، أو نوعه أو «سیب» أو «اتجاه، أو احسابا، وقد اشتقت منها كلمة ارانبوناریوم Iraitionarium وتعني االحسابات الإحصائية»، أما كلمة اراتيوناليس rationalis» فتعني معقول» أو «عقلاني»، وقد اشتقت منها الكلمة في اللغة الإنجليزية واللغات الأوربية الأخرى ، والكلمة لها عدة معان ا- يسوغ أو يبرر ، بمعنى: يفسر المرء سلوکه پاسباب معقولة أو مقبولة ، ولكنها غير
صحيحة .
العلمانية الجزئية والعلمانية الكاملة  لـ عبد الوهاب المسيرى

۲ - ومن المعاني الأخرى المتواترة لكلمة ایر شده : يوظف الوسائل بأكثر الطرق كفاءة لخدمة أهداف معينة.
وهذا المعنيان للكلمة ينعرفان إلى الوسائل وحسب. ولكن هناك معنيين آخرين يؤكدان أن الترشيد ليس مسألة مقصورة على الوسائل وحسب، بل تتصل أيضا بالمضمون، وهما: ۳ - يستعيض عن التفسير الغيبي لشيء ما بتفسير طبيعي (مطابق للمبادئ العقلية). 4 - پجعل الشيء مطابقا للمبادئ العقلية .
وقد میز ماكس فيبر بين نوعين من الترشيد: 1 - افيرت راتيونيل wertraitionell»، وتترجم بعبارة ارشيد في علاقته بالقيم، (أو
الترشيد المضموني)، وهو يعادل (تقريبا) : الترشيد التقليدي ، الذي يعني أن المرء لا يتعامل مع الواقع بشكل ارتجالي وجزئي، وإنما يتعامل معه بشكل منهجي متكامل، ومنسق مع مجموعة من القيم الأخلاقية المطلقة والتصورات المرجعية التي يؤمن بها، والواقع أن عملية بناء الهرم الأكبر والفتح الإسلامي من
العمليات التي لا يمكن إنجازها إلا من خلال هذا النوع من الترشيد. ۲- ازقيك رائیونیل 2weckrationnel» ، وتترجم بعبارة ارشيد في علاقته
بالأهداف، (أو الترشيد الشكلي أو الإجرائي» أو «الترشيد الأداتيا)، وهو الترشيد (المادي) الحديث المتحرر من القيم، الموجه نحو أي هدف يحدده الإنسان بالطريقة التي تروق له أو حسبما تمليه رغباته أو مصلحته، والترشيد الشكلي يتعلق بالكفاءة التكنولوجية وتوفير أفضل الوسائل والتقنيات التحقيق الأهداف (أية أهداف) بأقل تكلفة ممكنة وفي أقصر وقت ممكن، وكلما كانت الوسائل أكثر فعالية كان الفعل أكثر رشد من الناحية الشكلية أو الإجرائية . قالترشيد التقليدي (المضموني) يتم في إطار المطلق الديني والمرجعية المتجاوزة ، أما الترشيد الحديث (الشكلي) فهو متحرر من القيمة ويدور في إطار المرجعية المادية الكامنة - ، ولا علاقة له بأي مطلق. ویری فیبر أنه توجد عدة عناصر فريدة داخل الحضارة الغربية جعلتها تتجه نحو






مزيد من الترشيد الحديث والتجريدا فيتناولناها في فصل سابق)، إلى أن أثمرت في نهاية الأمر الرأسمالية الرشيدة والترشيد الإجرائي أو الأدائي - وهو ترشيد منفصل عن الأهداف الإنسانية النهائية. ويرى فيبر أن هذه العناصر غائبة في الحضارات الأخرى، ومن ثم، فإن عبقرية الحضارة الغربية تكمن في هذا التوجه المتزايد نحو الترشيد والتجريد الذي يأخذ شكل ظهور قوانين مستقرة ثابتة تتجاوز المشاعر الإنسانية (خيرة كانت أم شريرة ) يبدأ الجميع في الالتزام بها. أي أن الترشيد يعني استبعاد الإنساني إلى حد كبير .
ويمكننا الحديث عن الترشيد في مرحلتين مختلفتين : (1) الترشيد و الثنائية الصلبة
أصبح الترشيد، كما ظهر في تاريخ الحضارة الغربية الحديثة ، يعني إعادة صياغة الواقع (تفکیکه ثم إعادة تركبيه) في هذي المعايير العقلية العلمية الواحدية المادية وقد وصف هابرماس عملية التحديث بأنها نقل عملية الترشيد من عالم الفكر إلى عالم المجتمع والفرد). وعملية التفكيك والتركيب، مذه، هي أيضا عملية تجريد في إطار المرجعية المادية و نموذج الطبيعة المادة ، بحيث تستبعد العناصر (الريانية والإنسانية المركبة التي لا تنفق والواحذية المادية، ولا يبقى إلا تلك التي تنفق وإياها ، وهي عناصر يستخلصها العقل من الطبيعة المادة ويطبقها على الإنسان والمجتمع، والعقل الإنساني هو الذي يقوم بعملية التفكيك ثم إعادة التركيب. ولكن.. ماذا عن العقل نفسه ؟ هل يخضع ، هو نفسه ، لعملية التفكيك وإعادة التركيب هذه ليزداد رشد، ومن يقوم بهذه العملية؟ ومن يستخلص للعقل القواعد العامة؟.. سنكتشف أن الإشكالية كامنة في كل النماذج التي تدور في إطار المرجعية المادية الكاملة ، إذ ثمة افتراض بأن العقل البشري قادر على رصد الواقع بأسره والإحاطة به والتحكم فيه، وهذه هي الرؤية المتمركزة حول الذات الإنسانية التي تفترض مركزية العقل الإنساني ووعيه، ومن ثم تفترض أسبقية الإنسان على الطبيعة. ولكنها أسبقية ومركزية واهية. فهذه الرؤية تفترض أيضا أن العقل الواعي جزء لا يتجزأ من الطبيعة المادة اللاواعية، ولذا، فهو ليس المركز ولا المرجعية .
وقد أصبحت الطبيعة غير الواعية هي المرجعية والمركز (انتصار الموضوع)،


العلمانية الجزئية والعلمانية الكاملة  لـ عبد الوهاب المسيرى 



إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget