اللاهوت العربى واصول العنف الدينى لـ يوسف زيدان

اللاهوت العربى واصول العنف الدينى  لـ  يوسف زيدان


اللاهوت العرب قبل الإسلام، وامتداده في علم الكلام. ذلك هو عنوان البحث المختصر الذي ألقيته بمؤتمر (القبطيات) المنعقد بمقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، في منتصف شهر سبتمبر ۲۰۰۸، بحضور عدد كبير من كبار الباحثين الدوليين في ميادين التراث المصري) القبطي. كان انعقاد المؤتمر، قد تزامن مع ازدياد الصخب والضجيج، بصدد روايتي عزازیل. بل كانت هذه الضجة قد
بلغت في صخبها المنتهى، حسبما ظن وقتها؛ فكان من العسير على كثير من المشاركين بالمؤتمر، أعنى أولئك المستقرين منهم مسيقا؛ أن يتقبلوا ما قدمته يومها من أفكار ورؤى تتعلق بالامتداد التراثي الواصل بين المسيحية والإسلام، فقد كان معظمهم يهمني أصلا، بما يتوهمونه من عدائي للتراث القبطي، وهو اتهام لا محل له عندي بل هو عندي عجيب!
كان منظمو المؤتمر، من المتخصصين والقسوس والأساقفة العقلاء الواعين، يعرفون أن تلك الاتهامات محض توهمات، وكانوا يعرفون أنني أرى في الزمن القبطي مرحلة تاريخية من تراث مصر والمنطقة. وهي مرحلة لا بد من دراستها، وإلا فلن نفهم بقية المراحل. وهذا كل ما في الأمر. ومن ثم، فقد أصر هؤلاء الأفاضل، بل ألوا، من أجل حضوري المؤتمر؛ لألقي بحثي في اليوم الأول منه، وأدير الجلسات الخاصة بالمخطوطات في اليوم الثالث، وهو ما تم في اليومين. ولكن نظرا لالتهاب بواطن الكثيرين، يومها، رأي الأنسب أن يكون البحث الذي ألقيه مختصرا، ومقتصرا على بعض الأفكار التي سوف ترد وافية كاملة، في هذا الكتاب الذي بين أيدينا.
وبداية، فإنني من خلال هذا المصطلح الجديد (اللاهوت العربي) الذي أطرحه
اللاهوت العربى واصول العنف الدينى  لـ  يوسف زيدان

هنا للمرة الأولى، أؤكد أن ثمة نقاطا مفصلية، مهمة ومهملة، تجمع بين تراث الديانتين الكبيرتين: المسيحية والإسلام. بل تجمع هذه النقاط المفصلية الواصلة، بين تراث الديانات الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام، التي هي، فيما أرى، ديانة واحدة ذات تجليات ثلاثة
ومن المفيد أن أشير أو لا، قبل الدخول إلى الفصول والتفاصيل التي قد تطول، إلى بعض النقاط الاستهلالية التي تلقي الضوء على تلك المنطقة الكثيقة، المعنية الوعرة، التي نحن بصدد الدخول إليها، ولسوف نورد هذه النقاط الافتتاحية، المفتاحية، من خلال مجموعة الأقوال التالية:
القول الأول : في سماوية الدين بالضرورة
جرت عادة الناس في بلادنا، في أيامنا الحالية، أن يصفوا اليهودية والمسيحية والإسلام، تحديدا، بأنها ديانات سماوية. ولم يكن غالبية الأوائل ولا الأواخر من العلماء، يستعملون تلك التسمية أو هذا الوصف للديانات الثلاث. غير أن صفة
السماوية) طفرت في ثقافتنا المعاصرة فجأة، كوصف عام و اسم معتاد للدهانات الثلاث، ثم شاع مؤخرا استخدامها في كتاباتنا وكلماتنا اليومية من دون انتباه إلى أن أي دين، آيا كان، هو بالضرورة سماوي لغة واصطلاعا! فالسماء في اللغة، أي من حيث المفهوم الأصلي للكلمة، تعني العلو، ومن هنا، وحسبما يقول العلامة اللغوي الشهير این منظور وغيره كثيرون من علماء العربية: فإن كل ما أظلك وعلاك هو سماء.. فالسماء، في حقيقة الأمر، لفظ لا يقع معناه على شيء محسوس محدد، وإنما على أي سقف كان، ولو كان سقف الغرفة. وقد قيل للسحاب سماء؛ لأنه يعلو ويظل لا أكثر من ذلك ولا أقل





ومن هنا، لم يعتد الأوائل من علمائنا بصفة السماوية، ولم يعتادوا استخدام و صب السماوي) للإشارة إلى واحدة من هذه الديانات الثلاث المشهورة. وإنما قالوا، مثلما قال القرآن الكريم، بالكتابية، نسبة إلى أهل الكتاب (التوراة، الإنجيل) وبالكفار

الذين لا يؤمنون بالله. وأيضا، لم يستخدم وصف وثني بالمعنى الاصطلاحي في فجر الإسلام، وإنما أشير في القرآن إلى أن الكفار يعكفون على أصنام وأوثان، يعبدونها من دون الله"، فهم بهذا المعنى (يكفرون) العبادة الحقة وينكرون آیات الألوهية الساطعة في الكون، آيا ما كان الذي يكفرون به، أي بخفون ويغطون. إذ لفظ الكفر يعني اصلا: الإخفاء والتغطية، ولذا وصف الزراع الذين يدفنون البذور في الأرض، بالكفار". ولذلك، فقد يكون الكفر صنما مقدسا عند عرب قلب الجزيرة قبل الإسلام، أو تارا معبودة عند المجوس، أو كواكب منيرة في السماء عند الصابئة . وهؤلاء (الكفار) جميعا، يتعالون بما يعيدونه من محسوسات، فبتسامون بها إلى مرتبة الألوهية حين يصيرونه معاليا عن وجوده الفيزيقي، ومجاورا لحده الفعلي، فيكون بلفظ فلسفي (ترنسندنتالي)، أي أنهم يتعالون بمعبوداتهم إلى سقف سماوي بفارق واقعها المحسوس، بحسب ما يتوهمونه في معبوداتهم. ومن هنا نقول إن كل دین، مهما كان، هو سماوي بالضرورة في نظر معتنقيه
ولعل الأصځ، إذا أردنا تمييز الديانات الثلاث عن غيرها، أن تصفها بأنها دبانات رسالية أو (رسولية لأنها أتت إلى الناس برسالة من السماء، عبر سل من الله و انبیاء يدعون إليه تعالى ويخبرون عنه التأس. سواء جاء هذا المخبر عن الله بكتاب، فكان رسولا؛ أو علت دعوته على كتاب سابق، فكان نیا، ومن هنا كانت اليهودية هي رسالة موسى و أنبياء العهد القديم، الخيار الأوائل منهم أو الصغار المتأخرين. وابتدأت المسيحية بنبوءة يوحنا المعمدان؛ یحیی بن زکریا، ذلك الصوت الصارخ في البرية مؤذنا بمجيء بشارة المسيح، الذي أكمل دعوته (كرازته) تلاميذه الذين

اللاهوت العربى واصول العنف الدينى  لـ  يوسف زيدان 




إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget