بؤس البنيوية لــ ليونارد جاكسون

بؤس البنيوية  لــ  ليونارد جاكسون



قامت النظرية الأدبية الحديثة على أعمال كل من ماركس وسوسور وفرويد بيد أن ما بني على تلك الأعمال كان بنية فوقية شاسعة وباروكية) من النظريات والتناقضات، عن المجتمع، واللغة، والذات الإنسانية، كفيلة بأن تدهش تماما أولئك الثلاثة الذين قامت عليهم،
والنظرية الأدبية الراديكالية الجديدة تثير التزاما محموما لدى بعضهم، إلا أنها تربك غير الملتزمين بيننا وتغضبهم بقدر ما تفتنهم، والسؤال المطروح هو هل هذه الميتافيزيقا المتناقضة ضرورية لفهم الأدب؟ وهل تنطوي على أي معني في الحقيقة؟
وفي هذه الأيام، ومع اختفاء الماركسية من مواطنها الأوربية الشرقية، بېرز سؤال قائم: هل شكلت هذه المجموعة من الاحتجاجات الراديكالية نظرية في الأدب جدية في أي يوم من الأيام؟ وهل حاولت يوما حتى محاولة (كما يفترض بنظرية جدية في العلوم الاجتماعية) أن تفسر كيف يعمل الأدب؟ ألم تعمل بالأحرى على استخدام الدراسات الأدبية، والسينمائية، والثقافية، في بناء إيديولوجيا ذات أصداء نظرية هدفها معارضة

الرأسمالية، والميتافيزيقا الغربية، والعلم؟ إيديولوجيا الانشقاق الفكري الغربي التي كانت قوية فعالة في الستينيات، لكنها بدأت الآن تخبو وتعتق وتبدي رثاشتها؟ |
يقدم هذا الكتاب والكتابان اللذان يليانه مدخلا إلى هذه الأفكار ونقا لها في الوقت ذاته، والنقد أمر أساسي بمعنى العودة إلى أسس هذه النظرية التاريخية والمنطقية، ورفض ما تبديه ما بعد البنيوية من مناهضة لهذه الأسس، وهكذا يشكل هذا الكتاب، بؤس البنيوية، مدخلا نقديا إلى الأسس البنيوية. أما الكتاب الذي بليه فيتناول الماركسية، ليأتي الكتاب الثالث في الأسس الفرويدية، وكل من هذه الكتب يضع نصب عينيه الغاية ذاتها، وهي أن يفسر النموذج النظري الأساسي المعنى - ومن هنا نموذج اللغة البنيوي - وأن يتناول الطريقة التي طور بها هذا النموذج - أو حرف، أو شؤه، أو رفض، أو حورب أو حقل إلى نقيضه - ليصبح جزا من اللغة التي يستخدمها منظرو الأدب والثقافة المعاصرين، وأنا أمل من كل من يقرأ هذه الكتب الثلاثة جميعها أن يأخذ في حسبانه بعض القضايا الأساسية المتعلقة باللغة، والمجتمع، والعقل مما تفترضه مسبقا تلك اللغة الصعبة المستخدمة في النظرية الأدبية والثقافية الحديثة، والتي غالبا ما تكون مخبوءة فيها، غير أن هذه الكتب لم تكتب بتلك اللغة الصعبة، ولا تفترض مسبقا أن شيئا من تلك النظرية صائب وصحيح





لقد كتب كل كتاب من هذه الكتب على مستوى يفترض أن يكون مفهوما لدي الطالب الجامعي أو أي قاری جاد، ولذلك لم أتردد في تقديم أي خلفية تقنية وفلسفية ضرورية لهذا الغرض، وإن كان ذلك في الغالب، بشكل خلاصة أو موجز وبحد أدنى من المصطلحات التقنية الاختصاصية. ومن المفترض بني قاري لهذا الكتاب الأول أن يتمكن من الإلمام بالدعاوى الرئيسة التي أطلقها سوسور بشأن اللغة الإنسانية، وبما يعتبر ضربا من التوسع المعقول بهذه الدعاوى بحيث تطال الأدب. ولعل الأهم من ذلك هو أن يعرف القاري تلك المزاعم الرئيسة التي لم يطلقها سوسور، بل وربما كان

سينظر إليها بعين السخف، مع أنها تنسب إليه اليوم على نطاق واسع وتستخدم كأساس للنظرية الأدبية، كما أمل أن يسرى ذلك أيضا على المواقف الأساسية لرولان بارت، وعلى ذلك الجزء بالغ الصغر الذي ناقشته من أعمال تیریدا، وكذلك على كثير من المفكرين مثل رومان جاكوبسون، وكلود ليفي شتراوس، وجاك لاكان ممن سأتعرض لهم باقتضاب أشد.
فأطروحتى العامة التي أقدمها في التالية: لقد بدأت البنيوية - والتي أعنى بها بصورة أساسية محاولة تطبيق نموذج اللغة اليتيوي، الذي ساد في السنية أوائل القرن العشرين، على العلوم الإنسانية عموما وعلى الأدب بوجه خاص - لقد بدأت بوصفها استراتيجية بحث عقلائي في أعمال جاكوبسون وأخرين في أواخر العشرينيات، إلا أن هذه الاستراتيجية انطوت على عيب أساسي، نشأ مما دعوته ب "البؤس المنطقي" في نموذج اللغة الأساسي، وهذا العيب هو عدم كفاية هذه الاستراتيجية وقصورها في تفسير وقائع اللغة ذاتها، فما بالك بوقائع الأدب أو المجتمع. ومع ذلك فقد كانت لا تزال استراتيجية علمية عقلائية حين التقطها ليفي شتراوس في الأربعينيات، لتجبر في فرنسا الستينيات على سلوك سبيل المواجهة مع ما دعوته فلسفة الذات الفرنسية وهكذا يكون الفرنسيون هم المسؤولون ليس عن إبداع البنيوية (كما هو شائع في بريطانيا وأمريكا)، وإنما عن موتها
أما ما بعد البنيويات المتنوعة فهي السلف المباشر للنظرية الأدبية المعاصرة ويبدو لي أن الكثير منها لاعقلاني في نزوعه، ويتبفي تفسيره بالأحرى بوصفه حركة احتجاج ضد الرأسمالية والعلم والميتافيزيقا الغربية والبطريركية وكل شيء أخر لا يروق لمنظريها، لا بوصفه نظریات جدية ورصينة في الأدب أو الثقافة. ولا شك أن هذه المسالة هي مسالة كبيرة وخلافية، وستقتصر عنایتی في هذا الكتاب على جزء منها وحسب، ويكلام أدق فإنني سوف أعني بعدی صحة نقد دبريدا لسوسور ومدی سريائه وفعاليته، وبما أدعوه الصوفية النصية التي أثارتها أعماله لدى

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget