اكتشاف طبائع الناس وطرق التعامل معهم لــ فرنر كورل

اكتشاف طبائع الناس وطرق التعامل معهم  لــ  فرنر كورل


كل إنسان يصيح في لحظة ما من حياته "عالم تقم"، وذلك عندما يعارض الواقع إرادته، أي عندما تسير الأمور على عكس ما يأمل أو يشتهي ! كان يفاجأ على سبيل المثال يتصرف إلسان أخر، تربطه به علاقة صداقة راسخة أو حب أو زواج، تصرف لم يكن يتوقع صدوره عن هذا الإنسان تحديدا ولا بحال من الأحوال، أو كأن يقوم أحد الزملاء أو الرؤساء في العمل بفعل محرج أو مزعج يفوق ما
يمكن أن يتوقعه من ذلك الشخص بالذات ، حينئذ يصاب المرء بالدهشة الكبرى ويقف حائرا ويتساءل: لماذا يحدث كل ذلك ؟! وهل أنا على هذا القدر من الجهل ينفسي وبالأخرين؟ وأين ذهبت "خبرني" ومعرفتي بالناس ويكيقية التعامل معهم؟ وهل يعقل أن يكون منطق تفكيري مختلفة كليا عن منطق تفكير الآخرين؟ إنه لمن الصعب فعلا على المرء أن يفاجا بتلك الحقائق الصادمة
ولكن كلما تسعن المرء في التفكير بالأسر، اقترب من النظر إلى حالات الصراع هذه، أي حالات الاختلاف بين ما هو متوقع وما يحدث فعلا، من المنظار السليم و ترسخت القناعة لديه بأن "الصراع هو من أهم الأمور في الحياة وأكثرها عطاء وثمرة، لا بسبب عدم إمكانية تجنبه فحسب، وإنما لأبيه سن الأسباب الحيوية و الجوهرية النمو وتطور الشخصية البشرية، فما الحياة عندما تسير كل الأمور على ما يرام في غياب حالات الصراع التي تعاكس تطلعاتنا وتصور انشاء سوى رحلة في صحراء مستوية قاحلة خالية من التضاريس الممتعة و دون ظلال ترتاح فيها ومياه تطفئ عطشنا و تساعدنا على

استعادة نشاطنا وحيويتنا. وما دامت الأمور تسير على ما يرام، يتصرف المرء ببساطة دون أن يشعر بالحاجة للتغير أو التطور ولا يبدأ بالتفكير والتأمل إلا لحظة "الفشل"، حيث يصبح التغير ضروريا |
و پوسع المرء توقیر متاعب الخوض في الكثير من طرق الحل عديمة الجدوى عندما ينظر إلى ذلك الأمور والظروف التي تسبب له المتاعب، عبر منظار علم النفس وعندما يستفيد من الحقائق والخبرات والمحركات المستخلصة في هذا المجال،
سنحاول في الفصل الأول من هذا الكتاب مناقشة مسألة وجود حالات الصراع التي لا يمكن تجلبها، والتي قد تكون من أهم الأمور في الحياة وأكثرها عطاء و ثمرا، برغم كل مشاعر الانزعاج التي تسببها. كيف تنشأ حالات الصراع؟ وكيف على الإنسان أن يتصرف في تلك الحالات، وما الذي عليه أن يتجنبه؟ ما هو الأمر الذي تتركه حالات الصراع التي لا تقبل الحل؟ وهل من إمكانيات لتجنب الدخول في حالات الصراع إلى حد بعيد، أو للتخفيف من آثارها السلبية على الأقل، أو ربما لتوظيفها إيجابية؟ وما هي الحاجات الأساسية للإنسان التي يؤدي عدم إشباعها إلى نشوء حالات الصراع؟ هذه بعض التساؤلات التي نود طرحها ومناقشتها في الفصل الأول من الكتاب، وسنتابع مناقشة بعض الأفكار والطروحات ذات الصلة في الفصول التي تليه






١- الصراع مشكلة العصر؟
تعج حياتنا اليومية بسواقف أو حالات الصراع المختلفة، أكان مسرحها مكان العمل - مع رب العمل أو مع العاملين والزملاء أو مع العملاء والزبائن - أم كان ذلك في خضم تسيير الأمور الحياتية - مع الأنظمة والقوانين والبيروقراطية - أم كان ذلك في مجال الحياة الشخصية - مع الأطفال أو مع أقرب وأعز الناس كالصديق أو الحييب! ولكل تلك الحالات صفة مشتركة وهي أن حالة الصراع تنشأ عندما تتوقع أمرا ما ولا يتحقق - سواء أكنا نحن من عليه تحقيق الأمر أم كان ذلك مطلوبا من الآخرين. ولما كنا في تكويننا كائنات تأمل وترغب وتتوقع وتنظر باستمرار إلى المستقبل، ولما كنا لا نستطيع أن تملك زمام كل الأمور، فإن احتمال الإخفاق الكلي أو الجزئي وارد دائما، وهذا ما قد يوقعلا في صراع مع ذاتنا أو مع الآخرين، إن عدم تحقيق الأمال أو التطلعات يسمى إحباطأ frustration لأن الجهود المبذولة والأسال السربوطة بتحقيق الأهداف تكون قد ذهبت سدي (حسب التعبير اللاتيني frusta').
فالتطلعات هي "أهداف" تحكم تصرفاتنا إلى أبعد الحدود. والإنسان بطبيعته لا يستطيع أن يعيش بلا هدف في الحياة، لأن غياب الأهداف يصيب

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget