فتح العرب لمصر لــ الفرد بتلر

فتح العرب لمصر  لــ  الفرد بتلر



الف الدكتور الفرد .ج. بتلر، هذا الكتاب منذ ثلاثين عاما ، وعرفته منذ عشرين، فكان من الكتب التي خلفت في نفسي اثرا كبيرا ، يمتزج فيه الإعجاب والتقدير بالرغبة في أن تتملك اللغة العربية بحثا قيمة مثله ، والأسف على أن يخلو تراثنا الأدبي من كتاب نظيره , وأي شيء أعجب من أن تكون لغتنا في العربية ، وأن يكون الفتح العربي حدا فاصلا في تاريخنا بفتح صفحة جديدة في حياتنا ، ثم
مع هذا لا نجد وصفة عربية لذلك الفتح يمكن أن يعتمد على دقته ، ويوثق بتحريه ، فكانت النفس تتطلع إلى فم كتاب الدكتور پتلی إلى ثروتنا الأدبية، غير أنه كان يقعدها التفكير في مشقة فالك العمل، ومقنة العجز عن إنجازه ، وقلة الثقة بالقدرة على نشره . لم ابح لي أن أحقق ذلك الحلم بأن ناطت بي المجلة التأليف والترجمة والنشر، ترجمة ذلك الكتاب لأ إختارته من بين الكتب القيمة التي تسعى أبدأ في إظهارها ونشرها، فوجدت في تكليفها سرور السامي الى تحقيق أمنية طالما تافت نفسي إليها ، وأرى أن هذا مكان لائق لكلمة أقولها عن تلك اللجنة المباركة التي ما سعت إلى أن يعرف احد عملها وهي دائية لا تفتر عن العمل في خدمة العلم والأدب ، وما قصدت فقط أن تظهر للملا فضلها ، وهي ماضية قدما في جهادها في ميدان النيف والتنوير ، لم تقف خدماتها عند حل سياسي ولا عند وطن ، بل كانت خدمتها للناطقين بالعربية أجمعين ، بادلة بالكنائة المحرومة و مقرنا المحبوبة . ولو كنت من غير أعضاء لجنة التأليف لوجدت مجالى القول بعد فسيحة ، ولكن حسبي ذلك القول .

وبعد، فقد كان من حتى هذا الكتاب أن ينتقل إلى العربية مثل ظهر قوته بعد ثلمة في تاريخ العرب ما كان ينبغي لها أن توجد ، وما كان أجدر بان ينقله إلى العربية مصري إذ أن الكتاب يتعلق بتاريخ مصر .
غير أن الذي عاقني عن ترجمته قد عاق أمثالي عنها ، ولم يكن أحد ليستطيع مثل ذلك العمل الكبير في مصر إلا إذا شلت أزر هيئة علمية قوية . ولكن الخير إذا جاء متأخرا فليس ذلك بثاقص من قدره . ولعل تأخر ظهوره في العربية إلى يومنا هذا كان عن قدر وحكمة ، فإن الكتاب يعني كان لا يظهر في الماحبي ظهوره اليوم ، فهو اليوم في إبانة وألوانه، والأحوالی ملائمة له، ونچری الأهواه مستعد القبوله وتلقيه ذلك بان مؤلف الكتاب رجل باحث لم يقمك من تأليف كتابه إلا بيان الحقيقة ناصعة ، فلم يكن ممن يذهبون في التأليف إلى غرض من دعاية دينية أو سياسية ، ولا ممن يشترون بالعلم من أجل غرق پخته ، أو شهوة بسترها ، بل كان نزيها في بحثه، قاصدأ في قوله إلى اللباب .. ومثل هذا البحث لا يدركه القراء حقي إدراكه، ولا يقدره الناس حق قبره، إلا إذا كان الجو المحيط بهم جو بحث وراء الحق ، ودرس لإجلاله و والإبانة عنه ، ونحمد الله إذ قد بدت في مصر هذه الأيام حركة جدية تحو البحث والدرس ، ولستا شك في أن هذا الكتاب ممتزج بها ، سمائر في مسيرها ، چار في مجراها .
غير أن الأمر غير قاصر على ذلك، فإن الوقت الحالي أسعد الأوقات الظهور هذا الكتاب من ناحية أخرى ولعلها أجل شأنا وأبلغ خطرة :
ذلك بأن العرب لما دخلوا مصر كانوا فئة قليلة ، وجعلوا يتخذون لهم في مصر نظام ينتزعوته مما سبق من نظم الحكم في البلاد، وجعل عددهم بتابد ممن دخل في الإسلام من أهل البلاد طوعا او كرها ، فإذا مصر بعد قرن فيها عدد كبير من المسلمين، وبعد أن كانوا فئة قليلة حاكمة أصيحوا فئة كبيرة تشترك وأهل البلاد في أعمال الحياة . نشأ بين أهل مصر ما ينشا بين الجيران المختلفي المشارب من المنافسات والمنازعات ، وزادت تلك المنافسات على






مر الزمن حتي كانت أحيانا تتخذ شكل ثورة من أهل البلاد المسيحيين ، وكان و ذلك قاسيا من جانب الحكومة القائمة التي ما كانت لتدع الثورة يندلع الهيها من غير أن تقضي عليها . ثم مضى الوقت وكان عدد المسلمين بتزايد وعدد المسيحيين بتفاعلي، وتغيرت الدول وتبدلت نظرتها إلى واجبها في الحكم وداخل المسيحيين ما بداخل الأقلية عادة من الإنطواء على نفسها,
كانت مصر قبل الإسلام أمة واحدة يحكمها الروم ، واحتفظت بقوميتها وحاطتها بمنې دیني مستقل حافظت عليه أشد المحافظة ، وما كانت محافظتها على مذهبها الديني إلا صورة من صور الحرص على بقاء شخصيتها ودوام استقلالها . فلما جاء الإسلام أصبح أهل مصر بعد بضع قرون فسمين كل منهما مفصل عن الأخر رقم تجارهما ، وصار فيها شعبان متنافسان يحمل أحدهما لواء الكثرة والسيادة ، ويحمل الأخر سلاح الراغب عن الإمتزاج والفناه
وقد تكون على حق إذا نحن قلنا أن الأمر بقي على تلك الحالي إلى العصور الحديثة , غير أن ذلك الإنفصال طور متوسط في حياة الشعوب ، وما كان الشعب أن يبقى على ذلك إلى الأبد ، فإن سنة الطبيعة أن يمرج سکان القطر الواحد ، ويشتركوا في المصالح ، ويشعروا بأنهم أهل وطن واحد تجمعهم الحياة نفسها ، وتقرب بيتهم أواصر الجوار والإشتراك في سمراء الظروف وخبرالها. على أن بلوغ ذلك لا يكون إلا إذا مهلت له الظروف وعملت على إحداثه الأحداث ، والأحداث لا تخلق ، وأن سعي الناس إليها، بل إن الناس ينساقون فيها ، وقد يؤثرون فيها بعف الأثر أثناء إندفاعهم في تبارها القوي ، وقد تهات الظروف إلى ذلك الإمیزاج منذ عهد قريب ، فقد يمكن أن نقول - وفي قولنا كل ما يدعو إلى الوثوق - إل سيئة ۱۹۱۹ كانت حيدا فاصلا بين عهد قديم وعهد حدیث ، بين عهد لم يكن الشعب المصري بحی أنه شعب مرتبط مشترك ، وعهد آخر يشعر فيه المصريون جميع أنهم أهل بلاد واحدة . وها نحن اليوم نشهد جيلا جديدة من المصريين آخذة في الإمتزاج والإشتراك على أساس وطنية صادقة ، ووحدة لا تفصم عراها . قلو ظهر هذا الكتاب من نحو عشرين سنة لما قدره اهل مصر قدره ، ولما تبينوا فيه روح مؤلفه

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget