العبرات لـ مصطفى لطفى المنفلوطى

العبرات  لـ  مصطفى لطفى المنفلوطى


سكن الغرفة العليا من المنزل المجاور المنزلي من عهد قريب في في التاسعة عشر او العشرين من عمره، وأحسب أنه طالب من طلبة المدارس العليا أو الوسطى في مصر ، قد كنت أراه من نافلة غرفة مكتي ، وكانت على كثب من بعض نوافذ غرفته قاری امامي في شاحبا نحيلا منقبضة جالسا إلى مصباح منير في إحدى زوايا الغرفة ينظر في كتاب أو يكتب في دفتر اور بستظهر قطعة أو بعيد
درسا فلم أكن أحفل بشيء من أمره ، حتى علت إلى منزلي منذ أيام بعد منتصف ليلة ترة من ليالي الشتاء فدخلت غرفة مكتي لبعض الشؤون فأشرفت عليه فإذا هو جالس جلسته تلك أمام مصباحه ، وقد اكب بوجهه على دفتر منشور بين يديه على مكتبه نظنت أنه هم به من تعب الدرس وآلام السهر قد عبثت بجفنيه سنة من النوم فأعجلته من الذهاب إلى فراشه وسقطت به مكانه ، فما رمت مکانی (۱) حى رفع رأسه فإذا عيناه مخفلتان من البكاء ، وإذا صفحة دفتره التي كان مكبا عليها قد جرى دمعه فوقها فما من كلماتها ما معا، ومشي ببعض منادها إلى بعض ، ثم يلبث أن عاد إلى نفسه فتناول قلمه ورجع إلى شانه الذي كان
العبرات  لـ  مصطفى لطفى المنفلوطى

فأحزني أن أرى في ظلمة ذلك الليل وسكونه هذا الفتى البائس المسكين منفردا بنفسه في غرفة عارية باردة لا يتقي فيها عادية البرد بدثار ولا نار ، يشكو هما من هموم الحياة أو رزء من ارزانها قبل أن يبلغ من الهموم والأحزان من حيث لا يجد بجانبه مواسيا ولا معينا ، وقلت لا بد أن يكون وراء هذا المنظر الضارع (۱) الشاحب نفس فريحة معذبة تذوب بين أضلاعه نوبة فيتهافت لما جسمه تهافت الحباء المقرض ، فلم أزل واقفا مكاني لا أبرحه حتى رأيته قد طوى كتابه و قارق مجله وأوى إلى فراشه فانصرفت إلى مخدعي ، وقد مضي الليل إلا أقله ، ولم يبق من سواده في صفحة هذا الوجود إلا بقايا أسطر يوشك أن يمتد إليها لسان الصباح نباتي عليها .
ثم لم أزل أراه بعد ذلك في كثير من الليالي إما با کیا ، او مطرنا أو ضاربا براسه على صدره ، أو منطويا على نفسه في فراشه بين أنين العالمة الثكلى ، أو مائما في غرفته ينرع أرضها ، ويمسح
جدرانها حتى إذا نال منه الجهد سقط على كرسيه باكيا متحيا ، فأتوجع له وأبكي لبكائه وأتمنى لو استطعت أن أداخله مداخلة الصديق لصديقه واستبثه (۲) ذات نفسه وأشركه في همه لولا، أني كرهت أن أفجاه بما لا بحب ، وأن أمجم منه على مر ربما
كان يؤثر الإبقاء عليه في صدره، وأن بكامه الناس جميعا حتى أشرفت عليه ليلة أمس بعد هداة من اليل فرايت غرفته مظلمة ساكنة فظننت أنه خرج لبعض شأنه ، ثم لم ألبث أن سمعت في جوف الغرفة انة ضعيفة مستطيلة نازعجني مسمعها وخيل إلي ،








وهي صادرة من أعماق نفسه ، كاني اسمع رنينها في أعماق قلبي ، وقلت إن الفي مريض ولا يوجد بجانبه من بنوم بشانه ، وقد بلغ الأمر مبلغ الحد فلا بد لي من المصير إليه ، فقدمت إلى خادمي ) أن بقلمی مصباح حي بلغت منزله وصعدت إلى باب غرفته فأدركني من الوحشة عند دخولها ما بدرك الواقف على باب قبر بحاول أن يهبطه ليردع ساكنه الوداع الأخير ، ثم دخلت ففتح عينيه عندما أحس بي وكأنما كان ذاهلا أو مستغرنا ، نادثه ان پری بین بدیه مصباحا ضئيلا ورجلا لا يعرفه فلبث شاخصا إلى منبهة لا ينطق ولا يطرن ۲۱، فاقتربت من فراشه وجلست مجانيه ، وقلت أنا جارك القاطن هذا المنزل ، وقد سمعتك الساعة تعالج نفسك علاجا شديدة وعلمت أنك وحدك في هذه الغرفة
ثاني امرك فجتك علني أستطيع أن أكون لك عونا على شائك ، فهل أنت مريض ؟ فرفع يده بطء ووضعها على جبهته فوضعت بدي حيث وضعها فشعرت براسه يلتهب التهابا فعلمت أنه محموم ، ثم أمررت نظري على جسمه فإذا خيال سار لا يكاد يثيينه رانبه ، وإذا نمبس فضفاض (۳) من الجلد يموج فيه بدنه موجا ، فأمرت الخادم أن باتيني بشراب كان عندي من أثرية الحمی فجرعته منه بضع قطرات فاستفاق قليلا ونظر إلى نظرة عذبة صافية وقال شكرا لك ، قلت ما شكائك أيها الأخ ؟ قال : لا أشكو شيئا و فقلت : فهل مر بك زمن طويل على حالك هذه ؟ قال : لا أعلم ، قلت : أنت في حاجة إلى الطبيب فهل تأذن لي أن أدعوه إليك النظر في أمرك و فتنهد طويلا ونظر إلى نظرة دامعة وقال إنما


العبرات  لـ  مصطفى لطفى المنفلوطى 



إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget