الطريق إلى الكعبة لـ مصطفى محمود

الطريق إلى الكعبة  لـ  مصطفى محمود


الجمعة .. الشمس تنحدر الى المفيب على جبل عرفات . .
الجبل مزروع بالخيام .. مليون وخمسمائة ألف حاج يحطون عليه كالحمام في ثياب الإحرام البيض .. لا تعرف الواحد من الاخر .. لا تعرف من الفقير ومن الفني .. ولا تعرف من التركي ومن العربي .
اختفت الجنسيات .. واختفت الازياء المميزة واختفت اللغات .. الكل يلهج بلسان واحد .. حتی الجاوي والصومالي والاندونيسي والزنجي والأذربيجاني الكل يتكلم العربية .. بعضهم بنطقها مكسرة وبعضهم ينطقها بلكنة اجنبية ... وبعضهم يمد بعض الحروف ويأكل بعض الحروف ولكنك تستطيع ان تفهم من الجميع وتستطيع أن تسمع انهم يهتفون .. لبيك اللهم لبيك .
والذين لا يعرفون العربية تراهم. قد التفوا ح ول
الطريق إلى الكعبة  لـ  مصطفى محمود

مطوف يرددون وراءه الدعاء العربي حرفا حرفا في خشوع وابتهال .
في البقعة التي كنت اقف فيها أكثر من خمس عشرة جنسية مختلفة في مكان لا يزيد عن امتار معدودة .. التركستان والباكستان وكازخستان وغينيا وغانا ونيجيريا وزنزبار واوغنده وكينيا والسودان والمغرب واليمن والبرازيل واسبانيا والجزائر وسيلان .. كلهم حولي يتصافحون ويتبادلون التحية ويهنيء بعضهم بعضا .
ولولا أن المطوف اخبرني بهذه الجنسيات لما عرفتها.. فالكل كانوا يبدون لعيني وكأنهم عائلة واحدة في مجلس عائلي حميم .
على بعد خطوات كان اكثر من ستين هنديا يلتفون حول مطوف هندي هو الآخر فيما يبدو يقرا لهم الدعاء العربي من كتاب في يده ۰۰ وهم يرددون خلفه الدعاء وهم یکون وقد تخضلت لحاهم الطويلة الكثة بالدموع .





وهم قطعا لم يكونوا يعرفون العربية ، ولم يكونوا يدركون معاني ما يرددون من حروف .. وانما شعروا بها بقلوبهم فبكوا .
كان كل واحد يشعر أنه يخاطب الله بهذه الحروف

وانه في حضرة الله وفي ضيافته وفي رحابه .. وانه يقف حيث كان يقف محمد عليه الصلاة والسلام .. النبي العظيم البدوي الفقير الأمي .. وانه يسجد حيث ك ان يسجد ويركع حيث كان يركع ويردد ما كان يردده من دعاء .. بذات اللسان العربي .. وفي ذات اليوم .. يوم الجمعة من ذي الحجة .. ولعل ذبذبات صوت النبي وأصوات أصحابه ما زالت في الفضاء حوله .. فلا شيء يقني في الطبيعة ولا شيء يستحدث .
عرفت أن هؤلاء الستين هم من أفقر طائفة هندية وانهم جاءوا إلى مكة على الاقدام وعلى سفن شراعية وعلى جمال .
وكان زعيمهم يحمل علما عبارة عن خرقة ممزقة .
وبعضهم جاوز الثمانين .. وبعضهم كف بصره .. وبعضهم كان يحمل بعضا .
و كان الكل يبكون بحرقة ويذوبون خشوعا . كانوا فقراء حقا .
وعلى بعد خطوات كان هناك هندي اخر قال ل ي المعروف أنه مهراجا يملك عدة ملايين .. وكان بذات ملابس الاحرام البيضاء .. وكان يبكي بذات الخشوع .. وكان


الطريق إلى الكعبة  لـ  مصطفى محمود 



إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget