غسيل المخ لـ نبيل راغب

غسيل المخ  لـ  نبيل راغب



غسيل المخ من القضايا أو المصطلحات الحافلة بالكثير من الغموض والإثارة ، برغم إمكان تداولها على الألسنة بين الناس في حياتهم . وتزداد عناصر الغموض والإثارة عندما يدرك هؤلاء الناس أن عمليات غسيل المخ لم تعدناصرة على أهدافها التقليدية في مجال توجيه الفكر والسلوك الإنساني للفرد الحر ضد إرادته وعقله ، مستخدمة في ذلك وسائلها المتعددة في سلب إرادته وغسل مخه ، ثم
شحنه بانکار مضادة لتلك التي كان يعتنقها، مما يترتب عليه سلوكيات مناقضة لما كان يتبعه من قبل ، فقد كان هذا هو الأسلوب التقليدي الذي تتبعه السلطات وأجهزة المخابرات في مختلف بلاد العالم ، شرقية وغربية وخاصة في فترات الطواري والحروب والصراعات المختلفة .
لكن مع التطورات الضخمة التي تحققت في مجالات علم النفس والاجتماع والإعلام والدعاية والإعلان والتعليم والسياسة والاقتصاد والأنثروبولوجيا ، بل والفسيولوجيا والبيولوجيا ، فإن مجالات غسيل المخ اتسعت وتعمقت حتى كادت أن تشمل معظم جوانب الحياة اليومية سواء على المستوى الفردي ام المستوى الجمعي ، فقد أصبح عقل الإنسان عرضة لعدد لا يحصى من المؤثرات المباشرة وغير المباشرة ، الواعية وغير الواعية ، العامة والخاصة الرسمية والشعبية . بحيث يصعب القول بأن الإنسان هو سيد موقفه وهو على مشارف القرن الحادي والعشرين ، بل إن بعض المفكرين قد بلغ به التشائم حدا جعله يصرح بان إرادة الفرد الحر قد اصبحت وهالان مخه يتم غسيله أولا باول من كل الأطراف المعنية ، وأن ما يتوهمه أنه أفكاره وأوهامه وآراؤه الأثيرة هو في حقيقة أمره أفكار وأراء صنعت خصيصاله ، وتم شحن عقله به وهو يتصور أنها من بنات افكاره ، وحتي القائمين بعمليات غسيل المخ سواء كانوا أفراد أم مؤسسات وهم بدورهم عرضة لغسيل المخ من أطراف أخرى ، أي أن غسيل المخ أصبح دائرة جهنمية أو

سلسلة متصلة الحلقات من التأثير والتأثر التبادلين ، وإن كانت نسب فاعلينه تتراوح بين شخص وآخر ، وموت وأخر .
وكان السبب في تأليف هذا الكتاب ، ظاهرة جديرة بالالتفات والتحليل ، وتتمثل في أن انتشار عمليات غسيل المخ على مستويات كثيرة وتأثيرها العميق في حياة الأفراد والمجتمعات ، لم يؤديا إلى دراسات مستفيضة ومركزة في هذا المجال ، فإنه - على حد علمنا - لا يوجد في المكتبة العربية كتاب متخصص پنیر الجنبات المظلمة والغامضة والمثيرة لعمليات غسيل المخ . أما في المكتبة الأجنبية فإن الكتب التي تناولت هذا الموضوع في الربع الأخير من القرن العشرين ، قامت بتحليله ضمن موضوعات أخرى مثل قابلية الإنسان للتشكيل والصياغة ومحاولات برمجة البشر والحيوانات ، واكتشافات الهندسة البشرية والوراثية ، وبرامج التحكم في أمزجة الجماهير وأيضا في ذكاء الفرد ، وتغيير الشخصية الإنسانية ، والاستحواذ التام على الجماهير، ومحاولات إنتاج السوبرمان ، ومنهجة السلوك الإنسائي ، وصياغة اتجاهات الراي الخاص والعام ... إلخ . لكن هذه الكتب لم تفرد كتابة خاصا بموضوع غسيل المخ.
في مقدمة هذه الكتب کتاب جون واطسون : النظرية السلوكية ) ، وكتاب ستيفن ريتشاردسون و تأثير الهيئة على الذكاء ، وكتاب ا عصر الإعلان المجموعة من المؤلفين ، وكتاب روجر ستروجان و تعليم الأخلاق للاطفال ، ، وكتاب بيتر ردای ، الخدمة الاجتماعية والانضباط الاجتماعي ، وكتاب ولیم بینز
الهندسة الوراثية ، وكتاب م. ه، کنج و التغذية في البلدان النامية، ، وكتاب توماس ا. هاريس ، التوافق النفسي ا ، وكتاب فانس باكارد . صائغر البشراء بل ويراية دونالد بن سلوك كاندي جونز، ، وغيرها من الكتب التي تناولت غسيل المخ من الناحية التي تهم موضوعها نحسب ولكننا - على حد علمنا - لم نجد كتابا متخصصا في هذا الموضوع الغامض والمثير والخطير .

من هنانشان فكرة تاليف هذا الكتاب حتى يلم القارئ العربي بابعاد عمليات غسيل المخ ، وكيف يغيب العقل ومتى ؟! إذ إنه برغم الأمواج المتلاطمة الغسيل المخ في المجتمع ، فإن الإنسان الواعي ، والناضج فكرا وسلوكا، لا يزال قادرا -إلى حد ما- على التفكير المستقل والرؤية النقدية والمنهج التحليلي الذي بجنيه الإصابة بالتشويش والتشتت والضياع ، بحيث لا يسمح لنفسه ان يصبح فردا في قطيع لا يعرف من اين اتى وإلى أين سيذهب ؟!







إن العقل هو أعظم هبة منحها الله سبحانه وتعالى للإنسان ، والبوصلة التي تهديه سواء السبيل بين أمواج الحياة الهادرة والمتلاطمة ، ويوم بنقد القدرة على تنمية هذه الهبة أو استخدام هذه البوصلة ، فإنه بالتالي يفقد إنسانيته ذاتها ، وهذا الكتاب بمثابة نافذة مفتوحة على كل عمليات غسيل المخ واساليبه وحبله وخدمه ومستوياته ومجالاته المنتشرة في شتى بلاد العالم المعاصر ، بصرف النظر عن اختلاف الأنظمة السياسية التي تحكمها ، بحيث يدرك الناري العربي أن أي تلاعب بعتله هو استهانة بكيانه الإنساني ككل ، ولذلك تناولت فصول الكتاب السنة مفاهيم وقضايا وعمليات غسيل المخ بالدراسة التاريخية والعلمية والتحليلية التي النت الأضواء على الوسائل والغايات التقليدية لغسيل المخ ، وعلى عنصر الإيحاء بصلته الأداة الرئيسية والمتطورة والمتشعبة في هذا المجال ، ثم عالم الدعاية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية والفنية ، ثم اساليب الإعلان التي تسعى لغسيل مخ كل من يتعرض لها ، ثم عمليات التنويم المغناطيسي التي لم نعد قاصرة على فترات التنويم الفعلي بل يمكن ممارستها في اشد حالات اليقظة عند الإنسان ، ثم يأتي الفصل الأخير في هذه الدراسة ليثبت قدرة عمليات غسيل المخ على استيعاب أحدث التطورات العلمية كما تتمثل في الهندسة الوراثية او الهندسة البشرية التي جعلت من المخ البشرى مجالا للتلاعب بوظائفه وخصائصه التي فطر عليها ، وهي الظاهرة الخطيرة التي أصبحت تهدد الإنسانية جمعاء بالانحراف بعيدا عن مسارها الذي خلقت له .

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget