الأب الغنى والأب الفقير لـ روبرت كيوساكى

الأب الغنى والأب الفقير  لـ  روبرت كيوساكى


هل تقوم المدرسة بإعداد الأطفال لمواجهة الحياة الواقعية ؟ * آدرس باجتهاد واحصل على درجات مرتفعة ، وستجد وظيفة ذات دخل مرتفع ومنافع عظيمة " كان هذا ما درج والداي على قوله لي ، حيث كان هدفهما في الحياة هو تيسير حصولى أنا وأختي الكبرى على تعليم جامعی ، حتی بتوفر لنا فرصة كبيرة لتحقيق النجاح في الحياة ، وعندما نلت الدبلومة في عام ۱۹۷۹ متخرجة بمرتبة
الشرف ، ومقاربة للأول على فصل الدراسي للمحاسبة في جامعة " فلوريدا ، كان والداي قد حققا هدفهما أخيرا ، وكان هذا إنجازا توج حياتيهما ، وطبقا للسار الذي رسمته الأقدار لی ، جری تعييني في " ثمان من كبريات شركات المحاسبة " ، وتطلعت قدما لمستقبل حافل وتقاعد في سن مبكرة .
وقد سلك زوجی " مایکل مسارا مشابها . فقد نشأ كلانا في كنف عائلتين كادحتين ، كانت أصولهما متواضعة ، لكنهما يؤمنان بأهمية العمل بشدة ، وقد تخرج " مايكل " هو الآخر بمرتبة الشرف ، لكنه نال ذلك مرتهن : المرة الأولى كانت كمهندس ، ثم الثانية كسحام ، وغين سريعا في إحدى الشركات القانونية الراقية بالعاصمة واشنطن ، والمتخصصة في حقوق البراءات ، وبدا مستقبله لأمعا ، فها هو مسار وظيفي واسع، وتقاعد مبكر مضمون .
وعلى الرغم من أننا كنا ناجحين في مجالي عملنا ، إلا أن وظائفنا لم تحقق لنا ما كان متوقعا منها ، فقد غيرنا وظائفنا مرات عدة . وكانت لنا اسبابنا
الأب الغنى والأب الفقير  لـ  روبرت كيوساكى

الوجيهة لذلك - ولكن دون أن تنتظرنا أية خطط معاشية مستقبلية ، إذ كانت الاعتمادات المالية الخاصة بتقاعدنا تزداد فقط من خلال مساهماتنا الفردية ,
لقد تعبت أنا و مایکل * بزواج سعيد أثمر عن ثلاثة أطفال بالغين ، وفيما أكتب هذه السطور ، بدرس اثنان منهم في الجامعة ، فيما يخطو الثالث في بدايات المدرسة الثانوية ، ولقد أنفقنا ثروة لنضمن تلقى أطفالنا أفضل تعليم ممکن ،
وذات يوم من أيام عام ۱۹۹۹، عاد أحد أبنائنا محبطا من المدرسة ، كان سئا ومتعبا من الدراسة ، وأخذ يقول معترضا: " لم يتوجب على إهدار الوقت في دراسة أشياء لن أستخدمها في الحياة العملية ؟ ".
وأجبته دون تفكير : " لأنك إن لم تنل درجات مرتفعة ، فلن يسعك الالتحاق بالجامعة *
فأجابني قائلا : " بغض النظر عما إن كنت سأذهب إلى الجامعة أم لا ، فسأصير ثريا
فأجبته بنبرة يختلجها ذعر واهتمام الأمومة : " إن لم تتحرج في الجامعة فلن تحصل على وظيفة جيدة ، وإن لم تحصل على وظيفة جيدة ، فكيف لك أن تأمل في الثراء ؟ "
فتبسم متكلفا وأومأ برأسه مللا من حديثي له ، فلقد دار بيننا ذلك الحديث مرات في السابق ، وفي كل مرة كان يجول بعينيه في لامبالاة ، وماهی نصيحتي وكلماتي له والتي تحمل حكمة الأموية تقع على آذان صماء مرة أخرى ولا يأبه بها,
وعلى الرغم من أن ابنى كان ذكيا و عنيدا ، إلا أنه كان على الدوام شابا دمثا وذا خلق ..
فشرع يقول ردا على كلماتي : " أماه - وكان دوری ليتلقى على أسماعی بالموعظة - واكبي التطور ، انظري لما حولك ، فالميسورون لم يحققوا الثراء بتعليمهم ، انظري ل " مایکل جوردان " و " مادونا "، بل وحتی " بیل جيتس " الذي أدار ظهره لهارفارد ، لقد أنشا مايكروسوفت ، وهو اليوم أحد أثرى رجال أمريكا وهو لا يزال بعد في الثلاثين من عمره ، كما أن هناك لاعب البيسبول الذي يجني أربعة ملايين دولار سنويا رغم أن الناس يرونه معاقة عقليا .
وساد بيننا صمت طويل ، وتبادر إلى أنني ألقى على ابني النصيحة ذاتها التي تلقيتها عن والدى . لقد تغير العالم من حولنا فيما لم تتغير تلك النصيحة






فلم يعد التعليم الجيد ولا الدرجات المرتفعة يضعنان النجاح في الحياة ، ويبدو أنه ليس ثمة من لاحظ ذلك عدا أبنائنا .
واستطرد قائلا : " أماه ، لا أرغب في أن أكدح کدحك أنت ووالدى ، فأنتما تجلیان ما وافرة ، ونحن نسكن منزلا فارهة يزخر باللعب ، ولكن ، إذا اتبعت نصيحتك ، فسوف ينتهی بی الحال مثلك ، أكدح أكثر وأكثر لا لشيء إلا لأسدد المزيد من الضرائب وأغرق في الديون أكثر ، فلم يعد ثمة أمان وظيفي ، كما أنني على علم بكل ما يجري من تقليص المنظمات لحجمها وإعادة تنظيم هذا الحجم ، كما أعلم أن خريجي اليوم يجنون أقل مما كنت تجئين وقت تخرجك في الجامعة . وانظري للأطباء ، وكيف لم يعودوا بجنون من المال با اعتادوا على جنيه ، وإنني أعلم جيدا أنه لا يمكنني الاعتماد على أموال الضمان الاجتماعي أو المعاش الذي سوف أحصل عليه عند تقاعدی من إحدى الشركات ، فأنا في حاجة لإجابات جديدة على تساؤلاتي "
وقد كان صائما فيما يقول , لقد كان في حاجة لإجابات جديدة واحتجتها أنا أيضا ، فربما تصبح نصيحة والدي مناسبة للذين ولدوا قبل عام ۱۹۹۰ ، لكنها قد تصبح كارثة على أولئك الذين ولدوا في عالم سريع التغير . فلم يعد في مقدوری ببساطة القول لأبنائی : " اذهبوا للمدرسة ، واحصلوا على درجات مرتفعة ، ومن ثم ابحثوا عن وظيفة آمنة مستقرة "
لقد علمت أن على البحث عن سبل جديدة لتوجيه ما يتلقاه أهنانی من تعليم -
وبما أنني محاسبة فقد غنيت بقصور التعليم المتعلق بالأمور المالية الذي تلقاه أبناؤنا في المدرسة ، فالكثير من شباب اليوم يمتلكون بطاقات ائتمانية قبل إنهاء المدرسة الثانوية ، ولكنهم لم يتلقوا بعد دراسة عن المال أو عن كيفية استثماره ، بل يتركون وشأنهم ليقيموا كيف تتراكم عليهم الفوائد المركبة البطاقات الائتمان ، إنهم يتركون ببساطة وبلا أية معرفة مالية أو معرفة بكيفية دوران المال ، ودون أن يجري تجهيزهم لمواجهة عالم يقظ مترقب لهم عالم يحتل فيه الإنفاق أهمية تتجاوز الادخار .
وعندما غرق ابني الأكبر في ديون بطاقته الائتمانية يانا وهو لا يزال في الجامعة ، لم أساعده فقط على التوقف عن استخدام بطاقته الانتمائية ، بل ذهبت أبحث عن برنامج تعليمي يعينني على تلقين أبنائی المعرفة بتلك
الأمور ،

الأب الغنى والأب الفقير  لـ  روبرت كيوساكى 




إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget