خلاصة تاريخ العرب لــ لويس سيديو

خلاصة تاريخ العرب  لــ  لويس سيديو


حمدا لمن أرشد الإنسان إلى اقتناص شوارد الأخبار، وشوقه إلى الاطلاع على محاسن ومساوئ الآثار، والصلاة والسلام على سيدنا محمد التل عليه فيك تقص عليك من أثناء ما قد سبقه، وعلى آله وصحبه الفائزين بالسيق.
أما بعد: فيقول الفقير إلى الله تعالى علي باشا مباركه: كل إنسان مشغوف بمعرفة حوادث سلفه، لا سيما حوادث قومه وعشيرته، ونحن - أبناء الأمة العربية - مشغوقون بمعرفة ما كان للعرب من الأعمال والنتائج التي مهدت للنوع الإنساني طرق السعادة باتساع دائرة معلوماته، وارتقائه إلى ذروة الرفعة والثروة، بعد أن كان بحضيض الضية والفاقة.
وأما ما زعمه ناس ودون في كتب قديمة وحديثة بلغات متنوعة من أن العرب لم يأتوا بشيء يذكر، نائين عن التمدن المرفوعة أعلامه زمن الرومانيين الوارثين له من الروم، بل كانوا سببا في إخماد نار الغيرة وإطفاء نور العلم، حتى خيم الجهل وعم التوحش بقاع الأرض، ولي في الحرية الإنسانية بتوالي غاراتهم وعدم مبالاتهم بالحقوق؛ فهو أراجيف مبتدقه دعاهم إليها حب إطفاء نور الحق، ويأبى الله إلا أن يتم نوره وبظهره كالشمس في رابعة النهار، فانتشر - والحمد الله - بیقاع الأرض حتى تمسك به نحو سدس سكان المعمورة من غير محض لهم على اتباعه، وما زال في ازدياد حتى تمشك به في هذا الزمان فرق من الفرنج، فتتوا مساجد في المدن الشهيرة
ومما يدل على أن هذه مفتريات: ما قاله المؤرخون العارفون بحقائق الحوادث التاريخية من أن العرب لم يقصدوا بأعمالهم غير نشلة الخلق من قبضة الظلم، وتخليتهم

من التوحش والعوائد الذميمة، والمحافظة على حقوقهم بقوانين العدل الموافقة للقرآن الناطقة آياته بالحث على اكتساب الفضائل والأخذ بالعزم في اتساع دائرة العلم، ولم يعلم ذلك من قبل الأمم الغربية وغيرها؛ فإن تواريخهم تدل على أنهم كانوا - قبل أن يسطع نور الإسلام، وتمتد الشوكة العربية - غرقى في بحار الجهالة والظلم، مكبلين بقيود الاسترقاق، لا يدري أحدهم حقه، بل يتصرف فيه الظالم حسب ما سولت له شهواته، وكان أكثرهم يعيش في الأكواخ والكهوف، أو يهيم في الغابات، وما زالوا على ذلك حتى دخل العرب، فبثوا فيهم العدل والعلم والفضائل والاكتسابات الزراعية والتجارية، وفن العمارة وسائر الصنائع والجرف، فعرفوا التمن والسياسة المنزلية والمدنية
وبالجملة: فضل العرب على سائر نوع الإنسان، كفضل هذا النوع على سائر الحيوان، لا يمكن جهله - بل تجاهله - لمن ضل سواء السبيل
وقد كتب السلف من رجال الأمة العربية كتبا كثيرة في المسائل الاعتقادية والعملية وتواريخ أسهموا فيها الكلام على الحوادث التاريخية، وما لأهلها من العوائد والأخلاق، ولم يقتي بهم الخلف في ذلك مع أنهم جديرون بنشر فضائل العرب والشريعة الغراء لتمام درايتهم باللغة العربية، بل سكنوا، فأسيد الأمر إلى غير أهله، وهم الفرنج الذين ظنوا معرفتهم أساليب اللغة العربية، فأضاعوا فضائل العرب وأخذوا يركبون متن العمياء ويخبطون ځبط العشواء، فكم من حكمة حولوها عن حقيقتها، وكم من آية ترجموها على غير المقصود منها، فشاعت الأباطيل المضرة بشبابنا في دينهم ودنياهم.
ولم أجد من المؤرخين من تصدى لتبديد هذه المفتريات، سوى العالم سيديو Scdillot، أحد مشاهير علماء الفرنج المولود بباريس في ۲۳ يونية سنة ۱۸۰۸ الموافقة سنة ۱۲۲۳ هجرية؛ فقد جمع في عشرين سنة تاريخا في سفر من مؤلفات من يوثق بهم من العرب والفرنج، وبث فيه الفضيلة المحمدية والمآثر العربية، وأثبت ذلك ببراهين أذحض بها ما ادعاه المبغضون من نسيتها إليهم، فتحول الناس عما رسخ في أذهانهم، وأخذوا يقدرون الكتب العربية وعلماء العرب حق قدرهم، وظهر فضل العرب لدى الفرنج، وأنشئوا في ممالكهم مدارس التعلم اللغة العربية، وأخذوا يسارعون إلى حيازة الكتب العربية في سائر الفنون والمعارف ويبذلون فيها النفيس. ولم يقتصروا على ذلك، بل رغبوا أيضا في الاستحواذ على صور مبانيهم وجميع ما كان لهم من نحو الزينة والزخرفة وآلات الملاهي والمطاعم والملابس ولذا أخذ السباحون يجوبون البلاد الدانية والقاصية اليعثروا على ذلك، غير مبالين بما يلقون من المشافي الهائلة؛ فتحصلوا على ما في بيوت

التحف والآثار من الأمثلة المتنوعة يقدر تنوع الحرف والصنائع، وعلى ما في خزائنهم من الكتب التي في جميع ما كتبه الإنسان من هزل وجد
وقد ژنب هذا الكتاب على سيع مقالات، تتضمن أبوابا مشتملة على مباحث: فالمقالة الأولى: في جغرافية بحيث جزيرة العرب وتاريخهم قبل البعثة، وفيها بابان في
طباع العرب وميلهم إلى الوحدة السياسية واجتماعهم بسوق عكاظ للتفاخر بالقصائد الشعرية والثانية في الكلام على النبي لا وما تضمنه القرآن المجيد من الآداب والفضائل، وفيها
ثلاثة أبواب والثالثة: في الأمة العربية الفاتحة، وفيها خمسة أبواب في الخلفاء الراشدين، ومحاربة العرب البلاد الأجنبية عن بحيث جزيرتهم، والحالة السياسية ببلادهم وقت وفاة النبي





، وإغارتهم على غربي آسيا وعلى مصر وفارس وإفريقية وإسبانيا وفرنسا، وآسيا الصغرى وشواطئ نهر السند والرابعة: في قوة شوكة العرب وانحطاطها بالمشرق، وفيها أربعة أبواب في حدود مملكة
العرب وقتال الأموية والعباسية، وخلافتی المشرق والمغرب ورفعة وانحطاط الشوكة العباسية والدولة الفاطمية والسلجوقية، وغارة المغول والأتراك وزوال حكم العرب من
آسيا |
والخامسة: في رفعة وانحطاط سلطنة العرب في الأقطار الغربية وطرد النصارى
للمغاربة من إسبانيا، وفيها أربعة أبواب في الملوك الأغلبية والإدريسية والفاطمية بشمال آسيا، والأموية بإسبانيا، وفي توقيف حزبي المرابطين والموحدين تقدم نصرات النصارى على مسلمي إسبانيا، وتحكم الدولة العلية على مدينتي الجزائر وتونس، وإنشاء سلطنة الأشراف في مراكش، والسادسة: في وصف التمدن العربي في الزمان الأول، وفيها ثلاثة أبواب في أن مدرسة
بغداد لفت مدرسة الإسكندرية، وفيما كان عند العرب من العلوم الطبيعية والفلسفية
والإلهية والفقه والمعارف الأدبية ومخترعاتهم. والسابعة: في أحوال العرب في هذا الزمان - زمن مؤلف الأصل - وفيها بابان في الكلام
على عرب المشرق وإفريقية وبلاد مراکش وإيالة الجزائر

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget