استعمار مصر لــ تيموثي ميتشيل
" إن الهدف الرئيس من سعينا الحثيث في "مركز مدارات" لنشر کتاب اشتغاير هو تعميق وعي المصريين عموما بتاريخ الدولة الحديثة في مصر، وكيف قامت على أساس من الهيمنة والقهر لسكانها، ولم تكفل لهم في المقابل أي شكل من أشكال الأمان الاجتماعي والاقتصادي، ولم تستقل أبدا عن الهيمنة الغربية المباشرة أو غير المباشرة، ولم تستطع في أحوال كثيرة حتى حماية
الحدود الطبيعية لمصر عسکریا۔ والإسلاميين منهم خصوصا بإشكاليات محاولة أسلمة الدولة المصرية الحديثة، أو إضفاء الصبغة الشرعية عليها، أو تصور أن الشريعة ستطبق فقط من خلال تغيير القوانين داخل نفس منظومتها السلطوية القاهرة، أو أن الشريعة أصلا تقبل التسكين داخل منظومة القوانين الوضعية الحديثة."
هذا الكتاب ليس تاريخا للاحتلال البريطاني لمصر، بل دراسة لعملية الاستعمار، وهو إلى حد بعيد بتناول مصر في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، لكنه يناقش أيضا أحداثا من فترات أسبق في ذلك القرن ، ومن أجزاء أخرى من العالم العربي. ولا بشير الاستعمار إلى مجرد واقع وجود استعماري أوروبي ، بل إلى تطور مناهج جديدة للسلطة السياسية. ويبين الكتاب أن هذه المناهج الاستعمارية هي جوهر كل سلطة سياسية حديثة , والكتاب تحلیل الطبيعة هذا النوع الجديد من السلطة ميشيل فوكوه
تأثرت دراسة السلطة السياسية تأثرا عميقا على مدار العقدين الأخيرين بكتابات میشیل وگوه، الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي الذي كان أستاذا بالكوليج دو فرانس منذ عام ۱۹۷۰ وحتى موته في عام 1984، ويري تووه أن السلطة تدرس عادة كما لو كانت مجرد شيء يقلده الناس , وما ندرسه هو سلوك المقلد وقراراته، سواء كان حاكما، أو طبقة حاكمة ، أو ممثلين محليين لها. وخلاقا لذلك، يستكشف عمل ثوره السلطة بوصفها مجموعة من الاستراتيجيات والتقنيات
پدرس فوگوه السلطة السياسية الحديثة بوصفها شيئا ظهر إلى الوجود ليس بوصفه مجرد حيازة مركزة يتمتع بها فرد حاکم خاص أو طبقة حاكمة خاصة، بل بوصفه سلسلة من البات محلية، يومية للنظام، وللانضباط وللمراقبة، وهو ينظر تفصيلا في أساليب عمل أشياء کالسجون، والمصانع، والمدارس، ومصحات المجانين، والمستشفيات والثكنات ويبين كيف
ظهرت في مثل هذه الأماكن على مدار القرتين الأخيرين مناهج جديدة تماما للتنظيم وللاحتجاز، والتفتيش والضبط والرقابة
ويتمثل نموذج خاص لمثل هذا التنظيم والرقابة يناقشه قووه في البانوبتيكون، وهو ابتکار ابتدعه جيريمي بتنام، المصلح الإنجليزي في أوائل القرن التاسع عشر. والياتويتكون عبارة عن مبنى دائري يتالف من زنازين منفردة على طوابق عديدة بحيط به برج مراقبة مركزي، وبوسع مراقب وأحد - غير مرئي من نزلاء الزنازين - أن يراقب من هذا البرج النزلاء وتحركاتهم مراقبة متواصلة
ویری ٹوگو، أن الهندسية الدقيقة والانضباط الصارم لهذه الأنواع الجديدة من المؤسسات يعدان نوعا جديدا للسلطة على الجسم الإنساني، وهي سلطة لا تعمل بمجرد إصدار الأوامر المدعومة بالتهديد باستخدام القسر العنيف، بل بتنظيم المكان وتقسيمه ، وعزل الأفراد وتوزيعهم ، وتنسيق حركائهم، والمراقبة المتصلة والصامتة والتفتيشات والتحريات الصارمة ، والاحتفاظ بمذكرات وبسجلات دقيقة، والبانوبتیكون ليس مجرد نموذج لسجون، ومدارس ومستشفيات منفردة، بل هو نموذج لمجتمع منظم و منضبط.
وتترکز تحليلات وگوه على فرنسا وأوروبا الشمالية، على أن هذه الأنواع الجديدة للسلطة القائمة على إعادة تنظيم المكان ، ومراقبة شاغليه وضبطهم ، هي بحكم طبيعتها الاستعمارية» من
حيث المنهج، وعلاوة على ذلك ، فإن أمثلة للبانوبنيكون والمؤسسات الانضباطبة المماثلة ند استحدثت وأدخلت في حالات كثيرة، ليس في فرنسا أو إنجلترا، وإنما على الحدود الكولونيالية الأوروبا في أماكن مثل : روسيا، والهند، وأمريكا الشمالية والجنوبية ومصر. وقد تراسل چیري بنتام مع الحكام المحليين في كل هذه الأماكن، بمن فيهم محمد علي باشا في مصر، داعيا إلى إدخال المبدا البانويتي وتقنيات جديدة أخرى، بل إن جون بورنج، صدیق بنام ومساعده، قد زار مصر وعمل مستشارا للباشا، وبالنسبة لأوروبيين آخرين مثل الخبراء العسكريين، والمسان سیموئيين»، ورجال التعليم، وخبراء الطب وهلم جرا- فإن مكانا كمصر القرن التاسع عشر قد أتاح الفرصة للمساعدة على إنشاء دولة حديثة قائمة على المناهج الجديدة للسلطة الانضباطية مبدأ للنظام
إن كتاب الاستعمار مصر هو بالدرجة الأولى، دراسة لكيفية إدخال مثل هذه المناهج الانضباطية في مصر القرن التاسع عشر وتطويرها. وهذا هو موضوع الفصول : الثاني والثالث والرابع من الكتاب
وأنا أبدأ بالنظام الجديد، بالجيش الجديد لعشرينيات القرن التاسع عشر والذي أدت المناهج المبتكرة فيه للانضباط والتدريب العسكري والاحتجاز في الثكنات إلى خلق قوة عسكرية ذات حجم و جبروت غير مسبوقين
وكما لاحظ جون بورنج، فإن خلق هذه القوى كان في حد ذاته إنشاء مبدأ للنظام امن البشمل كامل مسطح المجتمع،
" إن الهدف الرئيس من سعينا الحثيث في "مركز مدارات" لنشر کتاب اشتغاير هو تعميق وعي المصريين عموما بتاريخ الدولة الحديثة في مصر، وكيف قامت على أساس من الهيمنة والقهر لسكانها، ولم تكفل لهم في المقابل أي شكل من أشكال الأمان الاجتماعي والاقتصادي، ولم تستقل أبدا عن الهيمنة الغربية المباشرة أو غير المباشرة، ولم تستطع في أحوال كثيرة حتى حماية
هذا الكتاب ليس تاريخا للاحتلال البريطاني لمصر، بل دراسة لعملية الاستعمار، وهو إلى حد بعيد بتناول مصر في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، لكنه يناقش أيضا أحداثا من فترات أسبق في ذلك القرن ، ومن أجزاء أخرى من العالم العربي. ولا بشير الاستعمار إلى مجرد واقع وجود استعماري أوروبي ، بل إلى تطور مناهج جديدة للسلطة السياسية. ويبين الكتاب أن هذه المناهج الاستعمارية هي جوهر كل سلطة سياسية حديثة , والكتاب تحلیل الطبيعة هذا النوع الجديد من السلطة ميشيل فوكوه
تأثرت دراسة السلطة السياسية تأثرا عميقا على مدار العقدين الأخيرين بكتابات میشیل وگوه، الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي الذي كان أستاذا بالكوليج دو فرانس منذ عام ۱۹۷۰ وحتى موته في عام 1984، ويري تووه أن السلطة تدرس عادة كما لو كانت مجرد شيء يقلده الناس , وما ندرسه هو سلوك المقلد وقراراته، سواء كان حاكما، أو طبقة حاكمة ، أو ممثلين محليين لها. وخلاقا لذلك، يستكشف عمل ثوره السلطة بوصفها مجموعة من الاستراتيجيات والتقنيات
پدرس فوگوه السلطة السياسية الحديثة بوصفها شيئا ظهر إلى الوجود ليس بوصفه مجرد حيازة مركزة يتمتع بها فرد حاکم خاص أو طبقة حاكمة خاصة، بل بوصفه سلسلة من البات محلية، يومية للنظام، وللانضباط وللمراقبة، وهو ينظر تفصيلا في أساليب عمل أشياء کالسجون، والمصانع، والمدارس، ومصحات المجانين، والمستشفيات والثكنات ويبين كيف
ظهرت في مثل هذه الأماكن على مدار القرتين الأخيرين مناهج جديدة تماما للتنظيم وللاحتجاز، والتفتيش والضبط والرقابة
ويتمثل نموذج خاص لمثل هذا التنظيم والرقابة يناقشه قووه في البانوبتيكون، وهو ابتکار ابتدعه جيريمي بتنام، المصلح الإنجليزي في أوائل القرن التاسع عشر. والياتويتكون عبارة عن مبنى دائري يتالف من زنازين منفردة على طوابق عديدة بحيط به برج مراقبة مركزي، وبوسع مراقب وأحد - غير مرئي من نزلاء الزنازين - أن يراقب من هذا البرج النزلاء وتحركاتهم مراقبة متواصلة
ویری ٹوگو، أن الهندسية الدقيقة والانضباط الصارم لهذه الأنواع الجديدة من المؤسسات يعدان نوعا جديدا للسلطة على الجسم الإنساني، وهي سلطة لا تعمل بمجرد إصدار الأوامر المدعومة بالتهديد باستخدام القسر العنيف، بل بتنظيم المكان وتقسيمه ، وعزل الأفراد وتوزيعهم ، وتنسيق حركائهم، والمراقبة المتصلة والصامتة والتفتيشات والتحريات الصارمة ، والاحتفاظ بمذكرات وبسجلات دقيقة، والبانوبتیكون ليس مجرد نموذج لسجون، ومدارس ومستشفيات منفردة، بل هو نموذج لمجتمع منظم و منضبط.
وتترکز تحليلات وگوه على فرنسا وأوروبا الشمالية، على أن هذه الأنواع الجديدة للسلطة القائمة على إعادة تنظيم المكان ، ومراقبة شاغليه وضبطهم ، هي بحكم طبيعتها الاستعمارية» من
حيث المنهج، وعلاوة على ذلك ، فإن أمثلة للبانوبنيكون والمؤسسات الانضباطبة المماثلة ند استحدثت وأدخلت في حالات كثيرة، ليس في فرنسا أو إنجلترا، وإنما على الحدود الكولونيالية الأوروبا في أماكن مثل : روسيا، والهند، وأمريكا الشمالية والجنوبية ومصر. وقد تراسل چیري بنتام مع الحكام المحليين في كل هذه الأماكن، بمن فيهم محمد علي باشا في مصر، داعيا إلى إدخال المبدا البانويتي وتقنيات جديدة أخرى، بل إن جون بورنج، صدیق بنام ومساعده، قد زار مصر وعمل مستشارا للباشا، وبالنسبة لأوروبيين آخرين مثل الخبراء العسكريين، والمسان سیموئيين»، ورجال التعليم، وخبراء الطب وهلم جرا- فإن مكانا كمصر القرن التاسع عشر قد أتاح الفرصة للمساعدة على إنشاء دولة حديثة قائمة على المناهج الجديدة للسلطة الانضباطية مبدأ للنظام
إن كتاب الاستعمار مصر هو بالدرجة الأولى، دراسة لكيفية إدخال مثل هذه المناهج الانضباطية في مصر القرن التاسع عشر وتطويرها. وهذا هو موضوع الفصول : الثاني والثالث والرابع من الكتاب
وأنا أبدأ بالنظام الجديد، بالجيش الجديد لعشرينيات القرن التاسع عشر والذي أدت المناهج المبتكرة فيه للانضباط والتدريب العسكري والاحتجاز في الثكنات إلى خلق قوة عسكرية ذات حجم و جبروت غير مسبوقين
وكما لاحظ جون بورنج، فإن خلق هذه القوى كان في حد ذاته إنشاء مبدأ للنظام امن البشمل كامل مسطح المجتمع،
إرسال تعليق