الإسلام فى خندق لـ مصطفى محمود

الإسلام فى خندق  لـ  مصطفى محمود



الناس يفهمون الدين على أنه مجموعة الأوامر والنواهي ولوائح العقاب وحدود الحرام والحلال .. وكلها من شئون الدنيا .. أما الدين فشيء آخر أعمق وأشمل وأبعد
الدين في حقيقته هو الحب القديم الذي جئنا به إلى الدنيا والحنين الدائم الذي يملأشغاف قلوبنا إلى الوطن الأصل الذي جئنا منه
والعطش الروحي إلى النبع الذي صدرنا عنه والذي يملا كل جارحة من جوارحنا شوقا وحنينا .. وهو حنين تطمسه غواشي الدنيا وشواغلها وشهواتهاء
ولا نفيق على هذا الحنين إلا لحظة يحيطنا القبح والظلم والعبث والفوضى والاضطراب في هذا العالم ، فنشعر أننا غرباء عنه وأننا لسنا منه وأنها مجرد زوار وعابري طريق ، ولحظتها نهفو إلى ذلك الموطن الأصل الذي جئنا منه ونرفع رؤوسنا في شوق وتلقائية إلى السماء وتهمس كل جارحة فينا .. يا الله .. أين أنت ؟
ولحظة تخطی ونتورط في الظلم وننحدر الى دركات الخسران فتنكس الرؤوس في ندم وندرك أننا مدانون و مسئولون ،، فذلك هو الدين ، ذلك الرباط الخفي من الحنين لماض مجهول ، وذلك الاحساس بالمسئولية وباننا مدينون أمام ذات علياء، وذلك الاحساس العميق في لحظات الوحدة والهجر بأننا لسنا وحدنا وانما نحن في معية غيبية وفي انس خفي وأن هناك بدا خفية سوف تنتشلنا وذاتا عليا سوف تلهمنا وركنا شديدا سوف يحمينا وعظيما سوف يتداركنا .. فذلك هو الدين في أصله وحقيقته وماتبقى بعد ذلك من أوامر ونواه وحرام وحلال وأحكام وعبادات هي تفاصيل ونتائج وموجبات لهذا الحب القديم
الإسلام فى خندق  لـ  مصطفى محمود

ولكن الحب هو رأس القضية .. وإذا غاب ذلك الحب فان كل العبادات والعلامات أن تصنع دينا ولن تصنع متدينا مسلماگان اي مسيحيا أو يهوديا ، وماكان الصليبيون الذين جاءونا غزاة طامعين ..على دين .. أي دين .. ولاكان سفاحوالضرب الذين يقتلون الأبرياء على أي ملة من ملل النصارى ولا كان إرهابيو اليوم الذين يفجرون القنابل مسلمين .. ولو صلوا جميعا ولو صاموا الدهر ولو أطالوا اللحى وقصروا الجلابيب وحملوا المصاحف ورتلوا الآيات ..ما بلغوا من الدين شينا.
وهل بلغ النبی یحیی (یوحنا المعمدان) عليه الصلاة والسلام مابلغه من تيوة إلا بذلك الحنان الذي كان يفيض منه ، والذي قال فيه ربه : « وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا : ( ۱۳۔ مریم ) فتلك كانت اركان نبوته .. الحنان والزكاة والتقوى ، ونبينا عليه الصلاة والسلام الذي كان يحتضن جبل أحد ويقول : هذاجبل يحبنا ونحبه ،، حتى الجماد گان موضع حب النبي وتوقيره ، وهذا ابن عربي يقول : لن تبلغ من الدين شيئا حتى توفر جميع الخلائق ، وهذا ربنا يقول عن المؤمنين : « أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوی (۳ - الحجرات ) فالقلوب هي دائما موضوع الامتحان وحب الله وحب ما خلق وماصنع من أرضين وسموات ونبات وحيوان وبشر هو جوهر كل الديانات الحقة .. وهو المقياس الذي تفرق به بين اهل الدين ، والادعياء المشعوذين والكذبة وكل الدعاة الذين يفرقون أتباعهم في التفاصيل والقصور والمظاهر ويبتعدون بهم عن روح الدين .. عن الحب والرحمة والتقوى ومكارم الأخلاق . هم من الكذبة بقدر بعدهم عنها وما كان اعتراض المسيح على الفريسيين إلا الإغراقهم في الجدل ورق حرفية النصوص وفي ظاهر الكلمات دون التفات الى روحها وماكانت نقمة موسی على اليهود حينما أمرهم بان يذبحوا بقرة .. إلا لإغراقهم في الجدل والتنطع والسؤال .. أي بقرة تكون وما لونها ؟ , بنية هي أم مرقشة ام صفراء ،، عجوز أم بك،، و أدع لنا ربك يبين لنا ماهي .. أو لعلك تهزا بنا ،، هذا الجدل والغرق في التفاصيل والتحجر على الحروف والكلمات أخرجهم من الدين في نظر موسی واستحقوا عليه التقريع واللوم






وللأسف الشديد التدين اليوم خرج من روح التدين بسبب انحراف الدعوة وانحراق أكثر الدعاة وإغراقهم في القشور والتفاصيل والخلفيات والأمور الثانوية مما ألقي بأكثر المسلمين إلى الاختلاف والجدل : ومما خلق الذرائع لمحترفي الارهاب ولهواة التعصب ومما أوجد هذا التدين السطحي المتهوس الأبله ، وأرى أننا مطالبون اليوم أكثر من أي يوم مضى بالعودة الى روح الاسلام والى نبعه الشامل .. الى فضائل الحب والرحمة والمودة والتقوى وسعة الصدر مع الخصوم وتدبر معانی النصوص وعدم الوقوف عند حروفها وقراءة القرآن بالقلب وليس بالأحداق .
والإسلام ليس الغازا وليس لوغاريتمات ولا يحتاج منا الى كل تلك الفتاوی
والنبي عليه الصلاة والسلام أجاب من ساله من الأسلام فقال في كلمات قليلة بليغة : .
و قل لا اله إلا الله ثم استقم
هكذا ببساطة ،، كل المطلوب هو التوحيد والاستقامة على مكارم الأخلاق
إنها الفطرة والبداهة التي تولد بها لا أكثر، أن تحب اخاك كما تحب نفسك .
اسأل نفسك .. هل تنام كل يوم على مسودة وحب ورغبة في الخير ونية في عمل صالح أم على غل وكراهية وحسد وتربص ؟.. وستعلم إلى أي مدیا أنت على دين الاسلام
ماذا تخفي في طيات ثيابك .. هل تخفی خنجرا أو مسدسا .. أم تخفی هدية حب ورسالة خير لإخوانك؟
هل تخطط لتبني أم لتهدم ؟!, .
هل تنطق بالطيب من القول وبالنافع من الكلام أم تدعو الى الخراب والدمار والفتن .
إن الدين لايحمل سيفا إلا للدفاع عن مظلوم ولايعرف العنف إلا اصلاحا.


الإسلام فى خندق  لـ  مصطفى محمود 




إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget