حجج فاسدة لــ جوليان بانجيني

حجج فاسدة  لــ  جوليان بانجيني


اختار الفيلسوف جولیان باجيني مؤلف هذا الكتاب أن يسميه البطة التي ربحت اليانصيب"، وهو اسم واحد من المقالات المتضمنة في الكتاب، عن بطة ورقية يقال إنها تجلب الحظ في لعبة اليانصيب. واخترنا نحن أن نسميه حجج فاسدة وهو وصف المحتوى الكتاب كله، وإحاطة شاملة بمضمونه
هذا الكتاب ليس مقصودا به الاسترخاء والاستمتاع، بل الاستفزاز والتحدي والاستعداد لمراجعة ما تسعه وتقرؤه، يمسك جوليان باجيني بتلابيب مائة حجة فاسدة يستخدمها البعض لمحاولة التأثير علينا في كل المجالات، ونصدقها في أحيان كثيرة لكن باجيتي يقرع جرس الإنذار للانتباه لها ورفضها وتمييز غثها حتى لا تبدو أغبياء عندما نصدقها وتتعامل معها كحقائق، الكتاب يدعو إلى التفكير ثم التفكير، ولا بدع القارئ يهنأ بالاستكانة إلى الحجج التي تقدم له يوميا في كل المجالات. وهي عموما تنويعات على استنباطات غير متفقة مع المقدمات
لا جديد تحت الشمس، هذا ما نكتشفه من قراءة هذا الكتاب الذي بحرث في أرضية أذهاننا مقلبا في الأفكار التي استقرت طويلا فيها من تراث وتقاليد وأفكار بالية وتفسيرات سياسية واجتماعية خادعة، بل وحتى أشباه مقولات علمية يستخدمها من يحاولون خداع العامة بكلمات يظنون أنها كبيرة وفوز المسالة، مخلصا الأذهان من أعشاب فاسدة نمت في غيبة من الوعي، وبيد ان ترعرعت مع إعتام إعلامي وسياسي و اجتماعي وعلمي بل وديني.
وعلى الرغم من توجه الكاتب للقارئ الغربي، في المملكة المتحدة والولايات

المتحدة تحديدا، حيث يستخدم أمثلة وحجج فاسدة من هذين المجتمعين، سوف بدهش القارئ العربي كثيرا للتطابق الواضح بين هذه الحجج التي يشير إليها الكتاب والحجج الفاسدة الشائعة في مجتمعنا حتى الكلته يصف ما يقال ويذاع ويسمع عندنا
كل يوم
وحتى في تفاصيله الصغيرة نجد تطابقا مذهلا مع ما نعاني منه في مجتمعنا، فنظرية المؤامرة التي تستخدم لتفسير الأحداث وتكشف أن حكومة الولايات المتحدة في المدبرة لاحداث 11 سبتمبر بغرض إيجاد ذريعة للحرب ضد الإرهاب، والبرامج الحوارية تبحث عن الضيف الذي يفجر الجدل والسخونة في البرامج وإن كانت أراؤه شاذة وضد الحقيقة، وقضية التصويت في الانتخابات وسلبية الناخب المعتقد أن صوته لن يغير من الأمر شيئا، والنظريات العلمية التي تستخدم لإثبات أفكار زائفة كل هذا تقرؤه فتجد له صدى من واقعنا وما يدور حولنا،
لكن الكاتب يتمتع بشجاعة يسمح بها المجتمع الليبرالي ولا نستطيع أن نجاریها في مجتمعاتنا فيناقش الأفكار الدينية والنصوص المقدسة بحرية يحسد عليها، ولا يضع حدودا للحوار الذهني الذاتي فلا يستبعد أي قضية من المناقشة والتحليل. بضع الكاتب رجال السياسة والدين والعلم والصحافة في مرمى نيرانه، وإذ يناقش السياسة والدين، يتطرق أيضا إلى المثلية الجنسية وممارسة الصغار الجنس وما ينتج عنه من أمراض وأطفال وإجهاض بكل ما تثيره هذه الموضوعات من قضايا تستخدم فيها حجج فاسدة كثيرة
احتلت السياسة الصدارة في الكتاب، فناقش ردود الفعل تجاه الإرهاب والحرب في العراق، وناقش مقولات وحججا فاسدة لجورج دبليو بوش وتوني بلير ورامسفيلد وصدام حسين، كما لم يفته مناقشة بعض مما قاله باراك أوباما وهيلاري كلينتون أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية في أمريكا، وحتى ربط الولاء للرئيس بحب الوطن أو توحد النظرة للوطن والرئيس لم تغب من هذا الكتاب، كما لا تغيب أيضا عن واقعنا السياسي






ولا يترك الكاتب الحجج والأفكار الفاسدة في مجال الطب والعلاج، فيناقش تدخل غير الدارسين في العلاج والفتاوى الطبية، ومدعي الطب الذين يسمون أنفسهم خبراء ويحصلون على درجة دكتوراة بالمراسلة حتى يستطيعوا أن يبثوا جهلهم وادعاهم بالمعرفة في مواجهة الأطباء والسلطات العلمية المحترمة، كما يدعو لإعادة النظر في العلاج بالاعشاب والممارسات الطبية القديمة فكونها قديمة لا يعني أنها جيدة وناقش الكتاب أبيضا حجما فاسدة تقال في مجالات الممارسة الديمقراطية والبيئة والقتل الرحيم والفقر والاغتصاب والرياضة، واستخدام النظريات العلمية في أفكار تافهة والحظ والفرصة والصدفة، وتخمينات وتفسيرات من الألهة والبشر. كما يشير الكتاب المدى تأثر العامة بما تكتبه الصحف التي يعتقد أنها محترمة
ومثلما تفعل عندنا ، يناقش الكاتب قضية الاحتفاء باراء المشهورين من أهل الفن في الشئون السياسية الجارية لأسباب لا صلة لها بهم لمجرد أنهم مشهورين، حتى أنه ينتقد بشدة الاهتمام بأراء الأمير تشارلز في الطب والعمارة، مشددا على أن الصدفة التي جعلته ورينا لعرش بريطانيا لا تعطيه الحق في إبداء رأيه في الأمور العامة وفرضها على جمهور المستمعين
وتذكرنا البطة الورقية التي يدعي أن من بلمسها بربح اليانصيب، بعضو اتحاد الكرة المصري الذي كان يتفاعل دائما بارتداء بذلة معينة بدعي أنها تجلب الفوز للفريق الوطني المصري، وحجته في ذلك أنه ارتداها عندما فاز الفريق المصري ببطولتي كأس أفريقيا في ۲۰۰۱ و ۲۰۰۸ على التوالي، حتى يمكن أن نطلق عليها البذلة التي ربحت البطولة، لكن بذلته خذلته مؤخرا عندما ارتداها في مباراة مصر والجزائر في الأدوار التمهيدية لكأس العالم ۲۰۱۰ وفازت الجزائر على مصر، ألم أقل لكم إن التطابق مدهش

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget