حركة الإصلاح فى التراث الإسلامي لــ شارل سان برو

يؤكد شارل سان برو في هذا الكتاب أن دين الإسلام دين مرن ، ومصلح، وأنه دين التزام وتطور. وبين أن مبدا التوحيد جاء في الأصل ليصلح من حال البشر ولينقلهم من الوثنية والجهل إلى الوحدانية والفكر والتدبر، لتحقيق المساواة بين البشر جميعا دون استثناء، وركز على أن الإسلام لا يدعو إلى إكراه غير المسلم على الدخول فيه، وأن الدعوة تجوز من خلال مخاطبة الفكر والعقل ، والهدف من الدعوة هو تحقيق مصلحة البشر في هذا السياق، يلقي المؤلف على عاتق المسلمين، الذين جعلهم الله خلفاء على الأرض،
مسئولية تنقية الدين من الشوائب والأفكار الدخيلة مثل أعمال السحر والشعوذة والخرافات وتقديس بعض الأولياء. وإن كان سان برو برى في التفريط إخلالا مبادئ الدين ، فإنه كذلك يؤكد على أن الغلو في الدين يؤدي إلى التعصب والصدام مع الآخر

راودتني فكرة ترجمة هذا الكتاب أثناء نقاش ساخن عن أهمية ترجمة الكتب التي يجب اختيارها، وتفيد المجتمع العربي عموما، لاسيما المجتمع المصري
ومما يجدر الإشارة إليه أن هذا الكتاب لا يتحدث عن السلفية التي أختصرها البعض في جلباب قصير ولحية، بل هو كتاب تنويرى ألفه شارل سان برو، أستاذ القانون الدولي بجامعة باريس ديكارت بفرنسا، فهو يتحدث عن حركة الإصلاح في الإسلام بموضوعية واضحة، على عكس تيار الاستشراق السائد في أوروبا
يتكون هذا الكتاب من مقدمة، وثلاثة أجزاء، وخاتمة. أعلن المؤلف في مقدمة الكتاب، وبمنتهى الصراحة، عن الخطأ الجسيم الذي وقع فيه الفكر الأوروبي بشأن ربط تراجع المجتمعات الإسلامية بجمود الإسلام، وبأسلوب ساخر تعجب المؤلف من الموقف الغربي من الإعلام، والمبني على أسس وتفسيرات سطحية. لذا تبنى شارل سان برو قضية كبيرة ومهمة، ألا وهي أن الدين الإسلامی دین نقدم، وتطور، وإصلاح، ونظرا لأن الإسلام دين ودنيا، فهو يهتم ليس فقط بالعبادات، لكن أيضا بالمعاملات، من خلال البحث في المصادر الأصلية، (القرآن والسنة)، وفكر ومنهجية السلف والأتباع، من أجل الوصول إلى حلول للمشكلات الدنيوية.
وفي هذا السياق، يحاول المؤلف التأكيد على أن السلفية الصحيحة لا تعئی الجمود والركود الفكري، بل "التمسك بالأصول والمبادئ الرئيسية، وفي ذات






الوقت الوعد بالمستقبل". ويرى شارل سان برو أن مفهوم السلفية السليم يتعارض مع مفهوم الحداثة الغريبة والتي تعني، من وجهة نظره، الشيء العابر واللحظي والمؤقت وبالتالي، الانفصال عن الماضي، وأوضح المؤلف، مستندا على رای ابن خلدون، وجود تناقض بين التحديث الذي يتعلق بالتقدم، والحداثة التي تعبر عن مستجد زائل، والتي تعمل على هدم القيم القديمة ، وبين أن الحداثة أصبحت إيديولوجية نظرها مفكرون فرنسيون، كان الغرض من نشرها القضاء على الدين أو على الأقل فصل الدين عن الدولة
ونظرا لأن التيار السلفي الصحيح بعمل باستمرار على تحديث الفكر لخدمة البشرية، فهو يتعارض مع مفهوم الحداثة، ويتوافق مع مفهوم التقدم، وهكذا استطاع شارل سان برو أن يقدم البراهين العقلية على العلاقة الوطيدة بين فكر السلف المتطور والتقدم في شتى مجالات الحياة، وليطلب من أقرانه في الغرب الكف عن المغالطة وتشويه الفكر الإسلامي الذي وصل إلى ذروته في الوقت الذي كانت تعيش البلاد الغربية في ظلمات الجهل.
في الجزء الأول، وعنوانه (تراث وإصلاح)، قدم المؤلف تعريفا دقيقا لمعنى الإصلاح وعلاقته بالفكر السلفي، وذلك من خلال عدة نقاط رئيسية، في البداية، تحدث سان برو عن الإصلاح في الإسلام من زاوية تاريخية، حيث كانت بداية الإصلاح في التحرر من الوثنية، واستند المؤلف إلى بعض الآيات القرآنية التي تؤيد وجهة نظره، ثم انتقل إلى عرض مفهوم الإصلاح في القرآن والسنة النبوية، مؤكدا، من خلال مناقشة موضوع الناسخ والمنسوخ، أن الإسلام دين تطور يدعو إلى بذل الجهد والعمل والتغيير، وأكد أيضا أن الإسلام يعطى الأولوية للعلم والعلماء، وأراد المؤلف بذلك إبراز الأهمية التي يوليها الإسلام للعقل والفكر الإنساني.
وفي هذا السياق، يلقي المؤلف على عاتق المسلمين، الذين جعلهم الله خلفاء على الأرض، مسئولية تنقية الدين من الشوائب والأفكار الدخيلة مثل أعمال

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget