أمام العرش لــ نجيب محفوظ

أمام العرش  لــ  نجيب محفوظ



انعقدت المحكمة بكامل هيئتها المقدسة في قاعة العدل بجدرانها العالية المنقوشة بالرموز الإلهية وسقفها المذهب تسبح في سمائه أحلام البشر . أوزوريس في الصدر علی عرشه الذهبي، إلى يمينه إيزيس على عرشها، وإلى يساره حورس على عرشه، وعلى مبعدة يسيرة من قدميه تربع تحوت كاتب الألهة مسندا إلى ساقيه المشتبكتين الكتاب الجامعه وعلى جانبي القاعة صفت الكراسي المكسوة بقشرة من الذهب الخالص تنتظر من سيكتب لهم الخلاص من القادمين
وقال أوزوريس: . قضى على البشر منذ قديم بأن تمضي حياتهم على الأرض معهم
عند عبور عتبة الموت، كالظل تتبعهم حاملة الأفعال والنوايا وتتجسد فوق أجسامهم العارية، وعقب حوار طويل اتفقت الكلمة على أن هذه الساعة في الساعة الفاصلة، وها هي المحكمة تنعقد من أجل سياحة طويلة في الزمن.
وأوما أوزوريس إلى حورس فصاح الشاب بصوت جهوري:
- الملك مينا.
ودخل من الباب في أقصى القاعة رجل متلفعا بكفنه، عاری الرأس، حافي القدمين، وأخذ يقترب من العرش بجسمه القوى

وملامحه الواضحة حتى وقف على بعد ثلاث أذرع منه في خشوع كامل.
وأومأ أوزوريس إلى تحوت كاتب الآلهة فراح يقرأ من الكتاب : - أعظم ملوك الأسرة الأولى، حارب الليبيين وانتصر عليهم ،
وهاجم مصر السفلى وضمها إلى مملكته الجنوبية وأعلن نفسه ملكا على مصر كلها وتوج رأسه بتاج مزدوج، حول مجرى النيل و أتشا مدينة منف في الفراغ المتخلف عن ذلك. وقال أوزوريس مخاطبا مینا: - هات ما عندك . فقال الملك مينا: .خص تحوت كاتب الآلهة حياتي في كلمات فما أسهل الكلام
وأشق العمل! | فقال أوزوريس . لنا رؤيتنا في تقييم الرجال والأفعال فلا تبدد الوقت في الثناء على
فقال الملك مينا: - ورثت مملكة الجنوب عن أسرتي، وورثت معها حلما كبيرا طالما
راود رجالها ونساءها وهو تطهير البلاد من الغرباء وخلق وحدة أبدية تضم بين جناحيها مملكتي الجنوب والشمال
وكان صوت عمتي أوز أقوى محرك لإشعال ذلك الحلم الكبير كانت ترمقني بإشفاق وتقول:
. أتقضي عمرك في الأكل والشرب والصيد؟ أو تقول بكبرياء






- لم يعلمنا أوزوريس الزراعة لتكون مناسبة للاقتال حول توزيع ماء
الفيضان..
وقلت لزوجتي المحبوبة إنني أشعر بجذوة تستعر في صدري ولن نبرد حتى أحقق الحلم، ووجدتها زوجة ملكية رائعة فقالت لي بحماس: . لا تدع الليبيين يهددون عاصمتك ولا تدع الناس يمزقون الأرض
التي وحدها النيل.
وانكببت على تدريب الرجال الأشداء وصليت إلى الآلهة مستو هبا الرضا والنصر حتى نحفق على يدي الحلم الذي طالما راود آبانی وأجدادی .
فقال أوزوريس:| - أزهقت من أرواح الليبيين مائة ألف - كانوا المعتدين يا مولاي. - ومن أرواح المصريين شماليين وجنوبيين مائتي ألف. - راحوا فدية للوحدة .. ثم حل الأمن والسلام ونوقف نزيف الدم
الموسمی من جراء النزاع حول مياه النيل .. فسأله أوزوريس: - لم لم تفتع قومك بالكلمة قبل اللجوء إلى السيف؟ - فعلت ذلك مع جيراني وانضم بعضهم دون قتال ثم حقق السيف
في أعوام ما لم تكن تحققه الكلمة في أجيال . - يقدم كثيرون هذا المنطق مداراة لإيمانهم بالعنف . فقال مينا بحرارة: - استحوذ على مشاعرى مجد مصر وأمنها ،

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget