الكتاب مجموعة من أربع محاضرات ألقاها سليمان الندوي في قاعة المدرسة العليا للجمعية الإسلامية في بومباي عام 1391م. وقد تناول المؤلف موضوع الملاحة عند العرب من جميع الجوانب التاريخية والفنية والأدبية والدينية منذ العصر الجاهلي حتى العصر الحديث، مرورا بعصر النبوة والخلافة الراشدة، والدولة الأموية ، ثم الدولة العباسية ، فالدولة الإسلامية في الأندلس، وذكر ما ورد في القرآن عن السفن والبحر والملاحة، علاوة على الشعر العربي .
كما أبحر بنا في الخليج الفارسي ، وبحر العرب، وبحر الهند، والصين ، وبحر القلزم (الأحمر)، وبحر الروم (المتوسط)، متبعا الموانئ التي تطل على هذه البحار، محصيا الجزر التي صادفها. كما ناقش المؤلف في هذا الكتاب قضية مساعدة الملاح العربي شهاب الدين بن ماجد لفاسكودا جاما في الوصول إلى شواطئ الهند، واستخدام الملاح العربي للآلات الملاحية، وخاصة البوصلة الملاحية ومعرفته بالنجوم وحركة الرياح وتفوق الملاحة العربية في أوج عصور ازدهارها..
يقدم هذا الكتاب معلومات مهمة حول موضوع "الملاحة عند العرب، وما يرتبط به من امور تمس الاقتصاد والحضارة بصفة عامة،
. المرحلة العربية وأهميتها
كما هو معروف، فإن الملاحة البحرية العربية قديمة جدا في بحر الهند عامة والخليج العربي وبحر عمان خاصة، بدأت شاطئية، ثم أصبحت فلكية تهتدی بالنجوم في وقت مبكر من العصور التاريخية. وثبتت مهارة العرب، في هذا الفن بما اكتشف من آثار واغلة في القدم، ومن وثائق مكتوبة باللغات السنسكريتية والبهلوية واليونانية والصينية وباللغة العربية كذلك.
لقد وصل الملاحون العرب إلى الصين والهند في عصر ما قبل الإسلام واستمر تفوقهم في العصور الإسلامية، وكان الحرير السلعة الصينية الرئيسية في تجارة الصين مع العالم الغربي، كما كانت التوابل والأفاوية والعنبر السلع الرئيسية في تجارة الهند وجنوب شرق آسيا، فكان الحرير والتوابل تنقلان من الصين إلى المشرق الإسلامي مرورا بالخليج العربي ومن هناك إلى الغرب الأوربي.
ويؤكد جمهور كبير من الباحثين أن عرب الخليج هم الذين سعوا إلى الشرق الأقصى وليس العكس، وأن عبارة سفن صينية التي كان يستخدمها جغرافيو العرب ومؤرخوهم كانت تعني - أحيانا - سفنا خليجية إسلامية مخصصة للإبحار إلى الصين، وأن المياه العربية لم تعرف قبل الإسلام سفئا غير عربية وغير فارسية سوى سفن القراصنة الهنود .
وهذا الطريق البحري إلى الهند والصين، الذي كان يسلكه التجار العرب والسيرافيون ذهابا وإيابا، عند نقلهم للحرير والتوابل وسائر السلع من الشرق الأقصى، كان همزة الوصل بين عالمين مختلفين، عالم الشرق وعالم الغرب. ومن المسلم به أن النواخذة العرب تمرسوا في سلوك هذا الطريق البحري، وأصبحوا سادته والعارفين بكل أسراره وتوصلوا إلى التعرف على مواطن الضعف به ومواسم مده وجزره وأوقات هبوب الرياح والعواصف، وافادوا من ذلك كل الفائدة وخصصوا في جزره محطات ومراسي للتموين والاستراحة
وحكمت الملاحة الخليجية العربية في تجارة التوابل والبهارات الهندية المتجهة إلى أوربا
وقد حاول الغرب الانفراد بهذه التجارة، ومن ثم جاء الاستعمار الغربي وخاصة البريطاني، واستمر الهند للسيطرة على هذه التجارة الرائجة التي تنر عليهم ربحا كبيراء
وكانت للعرب صلات وعلاقات تجارية مع الهند قبل الإسلام، وكانت سفن تجار العرب في الجاهلية تصل إلى بحر السند وشواطئ مالبار وتعود محملة بالاقمشة والحرير والتوابل والسيوف الهندية التي طالما تغنوا بها في أشعارهم وأولوا بها حتى سموا السيف المطبوع من حديد الهند، بالمهند، وقالوا : سيف مهند وهندي وهندواني إذا عمل ببلاد الهند(۱) وسموا كثيرا من نسائهم هندا(۳) .
إرسال تعليق