دراسات فلسفية لــ حسن حنفى





يحتوي هذه المجلد على ست عشرة دراسة ، ثمانية منها في الفلسفة الاسلامية خاصة في الفكر الاسلامي المعاصر في مواضيع التراث والاصلاح وثمانية أخرى في الفلسفة الغربية الحديثة عند كانط وفيكو والمعاصرة عند فيورباخ وأورتيجا - كتب معظمها أبان التحول الذي حدث في توجهات الأمة في الثمانينيات في ندوات ثقافية أو في دوريات علمية ، وهو استئناف لما قمنا به من قبل في « قضايا معاصرة ، الجزء الأول ، في فكرنا المعاصر ، والجزء الثاني ، في الفكر الغربي المعاصر اللذين كتبا في السبعينيات اثر
هزيمة يونيو 1967 .
وفي كلتا الفترتين الأشكال واحد و جدل الأنا والآخر ، وهما الجبهتان الأوليان في الموقف الحضاري لجيلنا : الموقف من التراث القديم والموقف من التراث الغربي ، أما الجهة الثالثة الموقف من الواقع فتصدر مقالاتها في جزءين مستقلين بعنوان « الدين والثورة في مصر ۱۹۵۲ - ۱۹۸۱ ، الأول في « الثقافة الوطنية والثاني في « اليسار الديني »

ليست الفلسفة مجرد فکر پلا زمان ولا مكان ، بلا مجتمع وبلا حضارة انما هي نظام فکری ينشأ في عصر ، ويقوم به جيل ، ويخدم مجتمعا ، ويعبر عن حضارة ، هذا ما حاول أصحاب المنهج الاجتماعي في دراسة الأفكار اثرائه ، مع انه فضية بديهية ليست في حاجة الى اثبات . وهذا ما وضعت الأجله علوم انسانية باكملها مثل علم اجتماع المعرفة أو الأنثروبولوجيا الحضارية وما حاولته عدة نماذج من التاريخ ، تاريخ الفلسفة ، وتاريخ الأفكار ، وتاريخ المذاهب ... الخ '
قد تكون أزمة الفلسفة في جامعاتنا ومعاهدنا اليوم في عدم الوعي بهذه البديهية وعيا علميا كاقيا ، وان كانت ترددها ، فيما يبدو ،. أول كل محاضرة وفي نهاية كل ترس دون تنفيذها وتطبيقها و ایجاد البراهين و الاستدلال منها على نتائج معينة لجيلنا وغالبا ما تكون الفلسفة تبثيا لمذهب اجتماعي تقليدا لما هو موجود في بعض المراجع الأجنبية التي ينقل عنها أو عن اقتناع مذهبی يظهر في السياسية أكثر مما يظهر في العلم أو ردا على سؤال محرج لطالب ملتزم متحمس لقضايا المجتمع بناء على مذهب سياسي أو بدونه ، تهربا من الاجابة : فما أسهل اللجوء الى ظروف العصير أو ادعاء التقدمية الاجتماعية - وما أسهل ترديد الشعارات و التشدق بالمناهج الاجتماعية |
هذا الوضع هو الذي دعانا في حقيقة الأمر الى التفكير في ع لاقة الفلسفة بالموقف الحضاري لجيل محدد هو جيلنا ، فنحن لا نتحدث عن أزمة كل العصور ، فهذه لا وجود لها أو عن الفلسفة العامة فهذه أيضا لا وجود لها : هناك أبنية ذهنية ونفسية واجتماعية تظهر في كل عصم






ولا يمكن تعميمها الا بقدر عموم النفس الإنسانية واطلاق العقل البشري " وهو في الحقيقة عموم لا ياتي الا بعد خصوص ، وعالم أذهان لا وجود له في الأعيان *
مما لا شك فيه أن الفلسفة في جامعاتنا وفي حياتنا العامة في ازمة • وجوهر هذه الأزمة اننا بعد أن أنشانا جامعاتنا الحديثة منذ أكثر من نصف قرن ، وجامعائنا القديمة موجودة منذ أكثر من الف عام فاننا لا نستطيع القول بأن لدينا فلاسفة أو أبنا اخرجنا فلسفة . وفي الحياة العامة بدأتا حركة الترجمة منذ أكثر من قرن ونصف مند رجوع الطهطاوي ، وتأسيس ديوان الحكمة الثاني اعني مدرسة الألسن ونحن حتى الآن مازلنا نترجم . وتشكو من قلة الترجمات ، و أن مشروعنا القومي المتمثل حتى الآن في خطيط دور النشر وبرامج وزارات الثقافة يتلخص في معظمه في مزيد من الترجمات - وحتى الآن لم تفعل هذه الترجمات فعلها , ولم تنتج منها ابداعات ، وكان الترجمة غاية لا وسيلة ، وكان التحصيل هدف في ذاته . اننا ننتج على أحمین تقدیر مؤلفات تعرض المذاهب الآخرين اعتمادا على نصوص أصلية أو على دراسات ثانوية فأصبحت الفلسفة لدينا تجميعا لأقوال وعرضا لمذاهب وشروحا على نصوص كما تفعل مع المتون القديمة ، وكاننا استبدلنا متنا بتن، والمحدثین بالقدماء ، فاذا ما تحس الكاتب والتزم فانه يدافع عن المذهب المعروض ويهاجم خصومه في معركة ليس طرفا فيها كاشفا بذلك عن موقفنا الحضاري الحالي الذي يتلخص في الخطابة والجدل وليس في القياس و البرهان ، في منطق الظن وليس في منطق اليقين : لقد تحول المفكرون لدينا الى وكلاء حضاريين ممثلين المذاهب غريبة في معظمها عن بيئتنا نظرا لريادة الفرب وغزوه الثقافي وانتشاره خارج حدوده على عكس الشرق الذي لم نجد له بيننا ممثلين لفلسفاته في البند أو الصين كما كان الحال عند مفكرينا الأوائل مثل البيروني و غيره : وهذا واضح من وضع الفلسفة الشرقية في
جامعاتنا وكيف أنها لا تعطي الا في أضيق الحدود ، واعتمادا على مؤلف شهير عقب استكمالا لتاريخ الفلسفة في الغرب (1) 

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget