المتعصبون .. جنون الإيمان لــ برنار شوفييه

المتعصبون .. جنون الإيمان  لــ  برنار شوفييه


بنحو التعصب إلى الاتساع والراديكالية في أيامنا هذه، وكأنه ينبعث من رمادي بأشكال متنوعة ومتعددة، كالعنقاء المتوحشة التي لا يتوقف سعيها وراء طرائد جديدة، تحول العنق إلى قاعدة اعتيادية بدءا بالجماعات السياسية الأكثر تطرقا إلى أكثر الحركات الدينية المتشددة. فلا يكاد يمر أسبوع إلا ويستيقظ العالم على هجوم أو عمل إرهابي جديد تتبناه جماعات مسلحة معروفة أو غير معروفة
دفاعا عن مثال معين، وتطول قائمة الضحايا، ويزداد عدد الموتى مع الأيام ببساطة تثير القلق
لكن خلف هذه الأعمال الإجرامية، وهذا العنف يقف رجال ونساء يناضلون من أجل قيم عالية إلى حد ما، ويعبرون عنها، لكنهم يضعون دائما فكرة معينة عن الإنسانية في مقدمة مطالبائهم. كيف لنا أن نفهم أن أشخاصا يؤمنون بقضية بنتقلون بقسوة إلى ممارسة العمل التدميري الذي يغرقون فيه الأفكار التي تحركهم بالدم؟
إن رسم لوحة للمتعضب يعني أن نضع له وجها، وتتعرف على الشخص الذي يتخفى خلف القناع، ومقاربة الأفكار التي يجدها أناس ويبعثون الحياة فيها

في بعض الحالات، لا يكون التعصب سوى مجرد جنون عابر، لكنه في حالات أخرى يتحول إلى طريقة في التفكير، وطريقة في الفعل ممنهجنين. أن يعيش المرء من عضبا فهذا لا يعني أن التعصب يصبح وسيلة نحسب، بل هدف أيضأ، وغاية أخيرة
للتعصب درجات، والمتعصبون لا يتشابهون، لذلك نود توضيح هذه الظاهرة وتقديم معالم للتحليل حتى نحدد موقعنا بشكل أفضل بالنسبة لهذا السديم المعاصر
لا يعرض هذا الكتاب تفگرة نظرية مجردة، وبعيدة عن الأسباب العامة للقضية، بل هدفه الاقتراب من مرتكبي العنف المتعصب للوقوف على الديناميكية النفسية لديهم، ويسعى هذا المسار السريري من خلال المظاهر، والصيحات والالتزامات، عن الدوافع اللاواعية التي تدفع المتعضيين إلى ممارسة أفعال نهائية قد يكونون أول ضحاياها.
نريد هنا أن نعرف بهؤلاء الذين جسدوا المواقف المتعصبة بالاقتراب من شخوصهم، لنطلع على حياتهم، ونتابع أفكارهم، وترافقهم في أعمالهم. وأفعالهم هذه في المقام الأول شخصية تماما، وبالغة البشاعة بحيث يمكننا الاعتقاد بأنهم ليسوا من جنس البشر. قد نفهمهم فقط من خلال الاحتكاك المباشر بهم، والتقرب أكثر من حياتهم. يبدو التماهي بالمتعصب مستحيلا في بعض الأحيان، لأن أفعاله مغرقة في البشاعة، ولكن، لا سبيل سوى هذا الاقتراب لنتمكن من فهم متطق الرعب.
سنتابع عن كثب بعض الوجوه التاريخية لرسم أكثر اللوحات دلالة على المتعضب، لأن الكشف عن الدوافع النفسية لهذه الشخوص التي تقودهم يمكننا من إدراك ما يصنع المتعضب من الداخل.






لا شك في أن ثمة عوامل اجتماعية وثقافية عديدة تحدد فعل المتعضب، وهي ما سنتحدث عنه بشكل سريع. يقوم تحليلنا على البواعث الواعية للفاعل، وتلك غير الواعية التي تحرك قراراتهم والتزامهم المفرط والنهائي با يفعلون
تتميز المقاربة السريرية بميزة التجريبية والملموسية، لأنها تلاحظ فتصف، ثم تسعى إلى فك الرموز، المتعصبون ليسوا من جبلة واحدة، لكن إمعان الفكر في ما يفعلون، بر خطوط عامة تدل على أناط خاصة منهم، تتخلص إلى الطرائق النفسية المشتركة لما يقومون به.
صحيح أن المتعصب هو إنسان القدس لكنه ليس أي إنسان، ولا المقدس أي مقدس. فهذا الإنسان به نفسه جسدا وروحا فيغالي في افتداء قضيته، بل يستبد به ولة جنوني بها يؤمن به. القدس العني هنا يتقمص المثال، والمطلق، لدرجة بغطي معها حتى ذلك المجال الذي يفترض به أن يكون بعيدة عنه، أي مجال المتس، فلا يعود المتعضب يفرق بينهما، لأنه تحول إلى كتلة كبانية واحدة.
تكمن مشكلة المغالاة لدى المتعصب في ما يترتب على فعله من نتائج مأساوية، يخلقها تصرفه. قد لا يكون الأمر بهذه الخطورة إذا توقفت النتائج عنده، لكن هيهات، إذ تتوالد آثار أفعاله فتدمر الأخرين أيضا، دعونا تكشف أو عن نمطين من النتائج المترتبة على سلطان التعصب
أولا، نلاحظ شقلبة للقيم التي يتصف بها فكر المتعضب، فيدفع ثمن ذلك عادة كل فرد، فتصبح الحياة باطلة، وتفقد قيمتها، ويصبح ما بعده الإنسان أساسية وحيوية كاذبة، عليه ركله بقدميه، ويصبح للسلبية عنده معني، إن لم تكن غاية، فهي وسيلة على الأقل، والتدمير ضرورة لانبعاث الصحوة. لكي تنبت على خرائب الماضي ورود المثال. وتأتي ثقافة النفي لتحتل المكانة المركزية في المجالات كلها، وتصبح مرشدة وحيدة للعمل التعضيې،

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget