حكاية بلا بداية ولا نهاية لــ نجيب محفوظ

هتف المتشد في تغمة بدائية :
ايا سيدي الأكرم على بابك فردد المريدون:
الله .. الله .. الله . . تابعت عيناه المشهد من خصاص نافذة ببهو الاستقبال ، تابعتا موكب أهل الطريقة وهم ينشدون ويصفقون على
أنغام النای ودق الدفوف وتحت البيارق ينشدون، تزاحموا حول الضريح وأمام البيت الكبير حتى امتلأت بهم الحارة، وتسللت إليه في موقفه وراء النافذة نسائم دافئة من الحديقة مترعة بأخلاط من روائح الفل والياسمين و الحناء والقرنقل - ليث مكانه في بدلته السوداء الأنيقة مغطى الرأس بعمامة مقلوزة، ينظر ويصنفی باهتمام
ايا سيدي الأكرم على بابك،
الله .. الله .. الله | وارتفع صوت مكتسح النبرة يطالب الجميع بالسكوت فساد الصمت وراح يخطب قائلا: هنيئا لأهل مصر، هنيئا لمصر، أختارك الأكرم مأوى ومستقرا

الشخصه ولذريته، هنيئا لك يوم قصدك قادما من المشارق. على قدميه جاء، يستأنس وحوش البراري، يخترق الجبال، يسير فوق الماء ، يفجر العيون في الصخر. وهل على القاهرة السعيدة كالبدر، وتجول في أطراف متباعدة حتى استقر به المقام في هذه البقعة الطاهرة حيث يقوم مسجده و ضريحه. هنيئایا مصر، وهنيئا يا حارتنا، حارة الأكرم وموطن ذريته ومريديه , منذ قرون خلت، انبثق في هذا المكان تور ما زال يجذب إليه فراشات من طالبي الهداية والغفران، وترك لكم المسجد والبيت الكبير، البيت الكبير مركز الروح والنور والهدي تدور حوله کواکب الأكرمية ما بين سوريا والعراق وتركيا ولبنان وفلسطين والجزيرة والهند وفارس وتونس والجزائر ومراكش وطرابلس . بيت هو القلب الخفاق لعالم روحی شامل. يا سيدي الأكرم تحية وسلاما، با من جبت الأقطار گلها واخترت لمقامك هذا القطر، هذه العاصمة، هذه الحارة، هذا البيت . با صانع الكرامات تحية وسلاما. ولآخر خلفائك وذريتك مولانا محمود الأكرم تحية وسلاما, تعالت الهتافات من الأركان، ثم أنشد المنشد وردد المريدون:
الله .. الله .. الله
يا سيدي الأكرم على بابك تحول عن النافذة. بوجه أسمر مستطيل ولحية سوداء قصيرة مدبية . تطلع إلى شيخ في الستين يقف وسط البهو الكبير تحت نجفة برنزية على هيئة مئذنة ، أنعم فيه النظر فتلقى نظرته بخشوع وقال :
تحية وسلاما يا مولانا محمود الأكرم فتمتم الرجل بأسما: . طاب يومك يا شيخ عمار، مضى - والآخر يتبعه - إلى كنبة تركية مفروشة بالسجاد الشيرازي على






مقربة من باب السلاملك. جلس ودعا الشيخ إلى الجلوس. تتابعت نسائم الصيف العطرة منهاوية في تضاعيف اصيل غابت شمسه وراء أشجار التوت المعششة بالعصافير . قال الشيخ محمود
. من بری موكبنا لا يتطرق إليه شك في استقرارنا. فقال الشيخ عمار بحماس : . ما زالت الدنيا بخير هز الرجل رأسه في أسي متسائلا: . ماذا جرى لحارتنا؟ . لا شيء، سحابة صيف، عبث أطفال .. - إنك لا تؤمن بما تقول يا شيخ عمار، هل سبق أن نال لسان من
الطريقة؟ . إنه جيل جديد عجيب يمتطى مركبة الشيطان . قطب محمود الأكرم قائلا:' . بسخرون من الطريقة، ومن المريدين، ومنى شخصيا، ويرسلون
النكات في مقاهي الحارة بكل وقاحة. . وباء هذا الزمن، ماذا جرى لهذا الجيل؟ كيف هانت علبه
مقدساته؟! ولكنه عبث أطفال ليس إلا. . ألم يسمعهم المريدون؟ . بلی یا مولای. - ماذا فعلوا؟ | . نصحوهم بالتي هي أحسن، وركبهم الغضب مرات، ولكن أحدا
منهم لم ينس أن الحارة أسرة واحدة . وقال محمود الأكرم بحدة:| - لولا الأكرمية ما كان للحارة شأن ..

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget